مكانة النسور في الذاكرة الشعبية مستقبلاً

بمقدور الدكتور عبدالله النسور، إذا رغب، أن يطمئن إلى أن الثقة الشعبية لا ترتبط بثقة النواب، بل إن كثيراً من المؤشرات تقول العكس أحياناً، فقد يتصدى الرئيس للنواب ويكتسب المزيد من الثقة الشعبية، كما حصل مؤخراً. إذ لا بد أنه لاحظ أن تماسكه أمام هجوم النواب عليه، لم يضره في الأوساط الشعبية.
يمكن التقدم في هذه الفكرة للأمام قليلاً والقول ان الأوساط الشعبية تحب الرئيس القوي، إلى درجة أنها قد توافق على التغاضي عن مصالحها المباشرة في سبيل ذلك، ولكن هناك شروط.
فحتى يستمر الاعجاب بالرئيس القوي ويتحول الى موقف شعبي مستدام، ويصبح جزءًا من تاريخ الرئيس وسيرته التي سيحفظها الناس له، عليه أن ينتبه الى ضرورة ألا تكون قوته موجهة باتجاه واحد، ودعوني أوضح:
فإذا اقتصرت قوة الرئيس على القرارات التي قد تلحق ضرراً بالمصالح الشعبية، كما هي الحال لغاية الآن، وانقلبت هذه القوة الى ضعف عندما يتعلق الأمر بمصالح "علية القوم" والمتنفذين، فإن الناس سرعان ما سيكتشفون زيف القوة التي أبدوا اعجابهم بها. إن الرئيس لغاية الآن يقدم مؤشرات متفرقة على شمول قوته وتنوع اتجاهاتها، وهناك من يتوقع منه شيئاً على هذا الصعيد، ولكن في التطبيق لا تزال مظاهر قوته متجهة نحو الناس على المستوى الشعبي فقط.
يفاوض الرئيس النواب باعتبارهم الممر الدستوري له نحو تولي منصب الرئاسة، وهو في النهاية سينال ما يكفي من ثقتهم اللازمة للعبور، ولكن عليه أن يلاحظ منذ الآن أن ذلك لا يكفي لسياسي يطمح لتسجيل اسمه في الذاكرة الشعبية. ومن سوء حظ رجال السياسة في بلدنا، أن الأردنيين يبدون حساسية عالية وهو يُدخِلون ويُخرِجون الأشخاص من ذاكرتهم الفعلية... دعكم مما يقوله التاريخ الرسمي. ( العرب اليوم )