لا تخنقونا أكثر...

غبتُ عن المتابعة السياسية في اليومين الماضيين لما يجرى من أحداث بسبب حالة وفاة، يتحمل الإهمال التمريضي أولا والطبي ثانيا، في مركز فرح في المدينة الطبية نتيجتها، رغم التبريرات غير المقنعة للمسؤولين فيه، ومع أنني وصلت إلى مرحلة تقديم شكوى رسمية، إلا أنني تذكرت اللوبي النقابي والطبي الذي يمنع تشريع قانون المساءلة الطبية، فعدلت عن ذلك، تاركا لضمير المسؤولين في المدينة الطبية معالجة ما وصلت إليه الحال، حتى لا تقع حوادث مماثلة، وتفقد عندها احدى أهم مؤسساتنا الطبية السمعة الحسنة التي وصلت إليها في عشريات السنوات الماضية.
وبالعودة إلى ما وصلت المشاورات بين الرئيس المكلف والكتل البرلمانية، وجدتها عالقة بين توزير النواب، والشروط التي تضعها ما يسمى الكتل البرلمانية، ومن الجائز ان ينفرط عقدها إذا تورط النسور، وأخذ باقتراحات النواب، وقام بتوزير بعض أعضائها.
الجولة الأولى من المشاورات على وشك الانتهاء، وسوف نتابع الجولة الثانية، التي يؤكد عديد من النواب أنها مشاورات (سمك بن تمر هندي) بسبب ضعف بنيان الكتل البرلمانية، وغياب البرامج عنها، والأهداف التي تعمل لأجلها.
قبل يومين عقدت احدى الكتل الجديدة، التي تضم 6 نواب اجتماعا لاختيار رئيسا للكتلة، من الأعضاء الستة ترشح ثلاثة لرئاسة الكتلة، احدهم حصل على صوته فقط، والثاني تمكن من إقناع اخر وحصل على صوتين، والثالث تفوق وحصل على ثلاثة أصوات، واشترطت الكتلة توزير احد أعضائها، وبعد يوم واحد انفرط عقدها، وتحول أعضاؤها إلى نواب مستقلين.
هذه هي حال الكتل، وحتى في الكتل الكبيرة العدد، فلا شيء ينظم علاقتها، وإذا اقتنع الرئيس المكلف باقتراح توزير النواب، فإن معظم الكتل أو للدقة جميعها، سوف تنفرط مثل حبات المسبحة، ولا يستطيع احد تجميعها من جديد.
لكن اكثر ما يثير في النفس حنقا، ما وصلت إليه الاشتباكات بين كتاب وصحافيين حول تصريحات منسوبة لنائب خلال لقاء كتلته مع النسور، لم يكلف احد نفسه بسؤال النائب والتدقيق معه في ما نقل على لسانه من نائب اخر، وبدأت سهام النقد والتجريح ولغة الكراهية تطغى على السطح، وكأن فكرة المواطنة هشة إلى درجة لا تحتمل أن يطالب احد بحقوقه.
يومان، والصحافة والمواقع الإلكترونية، تعج بمقالات حول المحاصصة والتجنيس والوطن البديل ونواب التوطين، وكأن القضايا الوطنية الكبرى تعالج عبر تصريح لنائب أو تعليق لمسؤول، أو مناكفة من كاتب، عبر بث لغة الكراهية بين الناس، ومن يطالع تعليقات القراء على تلك المقالات، يكتشف أن الأمور ليست خربانة فقط، بل إن السواد يملأ القلوب والعقول، وان الوحدة الوطنية شيء اخر غير الذي نؤمن به. ( العرب اليوم )