المشعوذ المناوب

كلما شاع بين الناس خبر عن فائدة طبية لأحد الأعشاب، أو ذاع صيت مشعوذ قدير، سارع الأطباء إلى التحذير من ذلك.
تتسبب مثل هذه التحذيرات بقـدر لا يستهان به من "حـمّة البال" لدى المرضى وذويهم، ولكن الأطباء للأسف لا يضعون "حـمة البال" كهدف طـبي معلن لتحذيراتهم، فهم مثلاً لا يقولون إن تلك التحذيرات تأتي في سياق خطة لتحويل اهتمام المريض من مرضه باتجاه باله الـمحموم.
"حـمة البال" النموذجية تكون عندما يبادر طبيب إلى الحديث عن مستوى تطور العلاج الحديث ومدى قدرته على شفاء بعض الأمراض، وعن الأجهزة التي لو توفّرت للمريض، لحلت مشكلته فوراً!
يحب المريض الفقير أن يشعر بعد تناول كـوب من الأعشاب أنه "أحسن شوي"، أو أنه "كان وين وصار وين"، ويعمد المرضى إلى القيام بدراسات تطبيقية مقارنة بين الأعشاب والحُجُب (جمع حجاب) من جهة، والأدوية من جهة أخرى، أو بين "الشيخ" والطبيب وخاصة في الأمراض الصعبة، ويتداول الناس القصص عن الحالات التي "عجّزت" الطب، وكيف أن الأطباء قالوا إن "حالة فلان واحد بالمليون"، وإن "خمسة أطباء" وقفوا فوق رأسه ولم يفهموا حالته، بينما زيارة "الشيخ" كان لها وقع السحر.
أقترح أن يُسَن قانون يقول: ما دمتم لا تستطيعون أن تقدموا للمريض مساعدة طبية فِعليّة، فلتتركوه يبحث عن صحته بطريقته. ( العرب اليوم )