صراع الكبار وتصفية الحسابات !!
خروج البعض ممن تصدر المشهد السياسي والبرلماني في الآونة الأخيرة ، وقبلها فتح ملف فساد محمد الذهبي وملف صهر العائلة المالكة (وليد الكردي) ، كانت بمثابة الشراره الأولى في حرب إعلاميه على مواقع الكترونيه عن طريق تكثيف نشر ملفات للكبار، وعلى مواقع اليوتيوب كانت الحرب الأشرس ، وكل طرف يحاول جاهدا تمرير الرسائل إلى الطرف الآخر بأنه قادر على كشف مزيد من المستور وفضح الموتور .
رموز حظيت باحترام شديد تعرّت أمام أتباعها ، وبدأ نشر غسيل ملفاتها يتصدر الصفحات الأولى على مواقع الكترونيه ، مواقع الكترونيه سعت جاهدة لتحقيق شهره إعلاميه ولا باس عندها من تحقيق الإرباح وقبض شيكات بعشرات الآلاف من الدولارات !!
اختلاف شركاء الفساد ، أدى إلى تكشّف الكثير مما كان يصنف بأنها ديناصورات(ممنوع الاقتراب منه) ، ولأن الشارع الأردني كان غائبا عن المشهد (سرقة وطن بناه الأجداد) وغير قادر على تفسير تردد بعض الأجهزة على فتح كثير من ملفات الفساد ، الآن بدا يدرك الأسباب ! ، لكنه لم يدرك كيف وصلته المعلومات ؟ ومن هو الذي أمر بضخ هذه المعلومات التي كانت محفوظة في خزائن الديناصورات ، توقيت نشرها يضع علامة استفهام حول الهدف من بثها الآن ، بالتأكيد لم يكن الهدف منها حماية الوطن ونشر الحقائق للناس بل كانت رسائل موجه لرموز النظام.
وفي خضم هذه المفاجئات تأتي التصريحات لتكون جزءا من معركة هدفها تصفية الحسابات ، وفي ظل مجلس نواب حديث العهد بالسياسيه ، أشغلوه بمسرحية المشاورات وبتشكيل الكتل والبحث عن مكتسبات ، وسال لعابه بالتوزير ، عندما انطلت عليه مسرحية الحكومات البرلمانيه ، المهم مازالت الكتل الوهميه مشغولة بتحقيق مكتسبات شخصيه ، ودولة النسور يتقن دوره جيدا في تفجير القنابل الصوتيه لتخويف المجتمع الأردني ثم ما يلبث سريعا إطلاق الألعاب الناريه إيذانا بالاحتفال ، بين هذا وذاك ، يسقط الوطن جريحا وتصيب السهام فقراء الوطن ، لعبة إشغال الشارع برفع الأسعار واقتراب انهيار الدينار وصرف الدولار ، لعبة السياسيين الكبار .
الرغبه في توتير المجتمع الأردني باتت سياسة مقصوده هدفها تشويش الشعب وقواه الغير حيّه ، لتمرير المخططات القادمه ، اللاعبون الرئيسيون مطمئنون إلى أن الشعب الأردني وصل إلى مرحلة الاستسلام ولن يقدم على ردة فعل تخلط الأوراق ، فالنموذج السوري وما صاحبه من قتل للأطفال وتدمير ممتلكات واغتصاب للنساء وتشريد للسكان، سوف يكون رادعا لهم ولن يحرك ساكنا أمام ذبحه من الوريد حتى الشريان.
الأكيد أننا نفهم حقيقة الصراع الدائر بين الكبار ، لان المرحلة تحتاج إلى تقديم أكباش فداء ، فالشعب لن يقبل اقل من ذلك ، لكن إدخال قوى حزبيه على خط المواجهة (عن طريق نار التصريحات) و لعدم وعيها بالرسائل الموجه ، تنحرف بوصلة الحراك ويصبح الحراك وقودا للصراع والدفاع عن المكتسبات الشخصية والحزبية وسوف تكون على حساب الوطن وأصحاب القضية .
حقيقة ما نشهده من أحداث، وما تكشف عنه مضمون اللقاءات الغير أخويه والزيارات السريه ، والتصريحات الناريه ، لا يمكن أن يصنف ضمن دائرة الاختلاف في الرؤى أوالاختلاف السياسي ، بل تصفية حسابات ، وهي لا تتبع قواعد اللعبة السياسية التقليدية ، بل هي اقرب إلى قوانين قبل القرن الماضي ، قوانين القوة والسيطرة وقتل الخصوم ، ومثل هذا الصراع لا ينتج عنه سوى الخراب الذي سيهبط على رؤوس الجميع، ولن يستثنى أحدا ، وهنا نقول أنه يجب على النخب الوطنية الشريفة أن تعي عمق التصريحات والأفعال وردود الفعل ، فليختلف المختلفون وليطحن بعضهم بعضا ، فأرصدتهم في الخارج تضمن لهم الهروب سريعا وعلى متن الصحن الطائر سوف يحلقون بعيدا ، ويبقى الشعب الكادح هو الذي يدفع الثمن ، ولن يسعفه إلا وعي النخب الوطنية بتوحيد صفوفها والاستعداد سريعا للمرحلة القادمه، فالوطن يغرق والشعب ينازع ، وقد كفر الشعب بجميع الإطراف وأصابه اليأس في مقتل ، فلم يجد غير التوترات والخلافات وكثير من الضجيج، بلا أي طحن، إصلاح وهمي ولن يستطيع معه صبرا طويلا ، فربما يكون الانفجار في أي لحظه! وعندها لن ينفع الندم والحسرة على ضياع بقايا وطن!!!
حمى الله الوطن وشعبه من كل مكروه ...اللهم آمين