صراخ في الشارع: أنا جائع!

تم نشره الأربعاء 27 آذار / مارس 2013 03:14 صباحاً
صراخ في الشارع: أنا جائع!
حسين الرواشدة

اذا سألتني عن اسوأ ما يمكن ان يصاب به الناس سأجيبك بلا تردد: الشعور بفقدان الامل، اما اسوأ ما يمكن ان يصاب به المسؤول فهو الاحساس بالعجز.

بمقدور احدنا ان يقرأ وجوه الناس او ان يتسلل الى داخلهم، وسيكتشف بلا شك ان “جبلاً” من الهموم يجثم فوق صدورهم، وان اعباء الحياة التي يتحملونها تجاوزت قدرتهم على المزيد من الاحتمال، وان “صبرهم” فعلا نفد، وحين تسألهم: ما الذي حدث؟ تسمع اجابات مختلفة لكنها تصب في دائرة “الضيق من الحاضر والخوف من المستقبل”، وحين تقول لهم ان الناس في بلدنا “تآخوا” مع الظروف القاسية ومع الفقر، يوافقون على ذلك، ولكنهم يستدركون: كنا في ما مضى نشعر بالرضى ونعلّق على “الامل” بالفرج. فالظروف يمكن ان تتحسن، والقناعة مطلوبة، لكننا الان على وشك ان نفقد الامل.

امس، فاجأني صوت في الشارع القريب من البيت، رجل في منتصف الخمسينيات يبدو عليه التعب، يجوب الشارع وهو يصرخ بصوت مرتفع وحزين: “انا جوعان، واولادي لا يجدون رغيف الخبز”، صرخات الرجل العالية ظلت تتردد على مدى ساعة، لكن لم أرَ احدا من الجيران يلتفت اليها، سألت الرجل عن قصته فرواها لي، وعنوانها بالطبع “الفقر” لكن ما ادهشني ان صرخات الرجل لم تجد صداها في آذان احد، كما انها المرّة الاولى ان احس فيها “على كثرة من رأيت من صور الفقر والبؤس” بان انين فقدان الامل قد وصل فعلا الى الشارع وبدأ يصرخ باعلى صوت.

بالمناسبة، استحضرت التعليمات الجديدة التي يفكر صندوق المعونة الوطنية باصدارها “لضبط” الانفاق على الاسر الفقيرة، تصور من يملك اكثر من اربعة رؤوس غنم او بقرتين او فاتورة مياه وكهرباء بـ(30) دينارا او سيارة لاحد الابناء موديلها فوق 96 .. الخ سيحرم من “المعونة”، لا عزاء للفقراء ايضا، ولا عزاء للطبقة الوسطى التي تنتظر قانون ضريبة الدخل الجديد الذي سيتم بموجبه تحديد الاعفاء للاسر بـ”18” الف دينار للدخل السنوي.

لا اريد ان ادخل في تفاصيل “خريطة” الفقر في بلادنا، والايام الصعبة القادمة التي ستفرز اعدادا واجيالا من الفقراء لكن ما اريده -هنا- هو ان دفع الناس الى فقدان الامل بتحسين معيشتهم وظروفهم سيقودهم الى نفاد الصبر.. وهذا اخطر ما يمكن ان ننتظره.

المشكلة -ايضا- في الوجه الاخر لعملة “الاسوأ” وهو عجز المسؤول عن تقديم اجابات واضحة عن اسئلة الناس ويأسهم واحباطهم، او بدائل حقيقية تخفف عنهم هذه الضغوط الاقتصادية، او تفتح امامهم “الابواب” السياسية المسدودة.

لا اتحدث هنا عن “النوايا” فاغلب المسؤولين نواياهم طيبة، واغلب النخب كذلك، لكن ما الفائدة اذا كانت آليات العمل معطلة، والاحساس بالعجز عن تقديم الحلول او المخارج هو “الرد” الذي تسمعه مع كل “ازمة”.

باختصار، لا بدّ ان نخرج الناس من دائرة “اليأس” وفقدان الامل، وان نحيي داخلهم “الهمّة” والفاعلية ونطمئنهم على حاضرهم ومستقبلهم. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات