الثورة مؤنث ثور ولا تُجمع ثورات

في مجمل سيرة جامعة الدول العربية، ولغاية سنوات قليلة مضت، كان اجتماع وزراء الداخلية العرب هو الاجتماع الوحيد الذي ينعقد بهدوء وتفاهم ويخرج عنه بيان بموافقة الجميع، وكان ذلك مثار تهكم من طرف الشعوب، التي كانت ترى الاختلافات تعصف بباقي اجتماعات مؤسسات وهيئات الجامعة بما فيها اجتماعات القمة، ولعل أغلبنا يذكر العبارة التقليدية التي كانت تقول أن العرب "اتفقوا على أن لا يتفقوا".
في السنتين الأخيرتين حصل في الجامعة العربية ما "يقلب طاقية" المواطن العربي، فقد بدأت ملامح تشكل موقف رسمي ثوري عربي، وبرزت ظاهرة الحاكم المحافظ المؤيد للثورة، وقد كانت المبادرة الى ذلك قادمة من دول الخليج عموماً قبل أن تتميز دولة قطر تحديداً بموقف رسمي ثوري متميز وشامل.
نعم، يبدو أن علينا ان نتعود على هذا المفهوم الجديد في الفكر السياسي، أقصد "الموقف الرسمي الثوري"، وهو مفهوم ذو نشأة عربية خليجية بلا منازع، ومن اللافت أنه ظهر مكتملاً وناضجاً وجذاباً، ولم يكن بحاجة لزمن طويل حتى تتضح ملامحه كما هو الحال في المفاهيم السياسية من المستوى ذاته. إننا بالفعل أمام ظاهرة جديدة تصلح للتقديم كمساهمة عربية في الفكر والممارسة السياسيين على المستوى الدولي.
لقد شكلت "الثورة السورية" الميدان الأساسي لتجلي هذه الفكرة المبدعة، وقد كان مشهد "الثوار السوريين" في القمة ملهماً... إنها الثورة الأولى التي يتسابق الحكام لنصرتها. ( العرب اليوم )