ثمة شيء تغير

تم نشره الخميس 28 آذار / مارس 2013 02:32 صباحاً
ثمة شيء تغير
جمانة غنيمات

لربما تختلف الحال هذه المرة، فلا نشهد مسرحيات نيابية "ترفع الضغط"، ضمن أداء استعراضي يخاطب القواعد الشعبية، لكنّ نتيجته الوحيدة سخرية وامتعاض وعدم رضا، تضاف إلى رصيد كبير من المزاج السيئ.

المفترض أن يختار النواب رئيس الوزراء وفريقه، أو أن يوافقوا على الأسماء على الأقل، ما يعني أن الاختيار تم برضاهم، والحصول على الثقة ليست مسألة معقدة ولا صعبة.

بعد نيل الحكومة الثقة، سيحتاج النواب والحكومة إلى نوع مختلف من الثقة، لا علاقة له بثقة النواب بالحكومة، بل هي ثقة الشارع والرأي العام بالسلطتين التشريعية والتنفيذية.

الثقة المنشودة تختلف عما كان يحدث في الماضي من مسرحيات تستفز الجمهور؛ فمهمة النواب والحكومة اليوم استعادة ثقة الشارع التي فُقدت تجاه مختلف المؤسسات الرسمية.

هذه المرة، معركة الثقة لا تحتاج إلى 111 صوتا، أو حتى أعداد معقولة من الأصوات، بل تتطلب أداء نيابيا وحكوميا مختلفا، يلفت انتباه العامة، ويقنعها بأن ثمة شيئا تغير.

في الصحف، لا نريد الخروج بـ"مانشيتات" عريضة تقول: "ثقة تاريخية بحكومة فلان"، لأن الحال اختلفت، والبلد بحاجة ماسة إلى ثقة من نوع جديد، يبنيها الأداء والعمل بطريقة منتجة مفيدة للمجتمع؛ فهل ستمنحنا السلطتان مثل هذه الفرصة؟

بعد كل الخذلان، وتكشّف شعور الأغلبية حيال الحكومات والمجالس النيابية، لن يهم إن حصلت الحكومة على 144 صوتا، فذلك لن يفيدها. كما لن يضير النواب إن هم منحوا الحكومة ثقة متوسطة، فكل ذلك لم يعد يجدي، ولن يغير في قناعات الناس قيد أنملة.

التأثير في قناعات المجتمع حيال صورة السلطة التشريعية بحاجة إلى خلع الثوب القديم المدموغ بالمكتسبات الخاصة؛ من إعفاءات جمركية، وسيارات، ورواتب تقاعد، وزيارات حج، ووظائف وتعيينات، وغير ذلك، وارتداء لباس جديد يقوم على تحقيق مصلحة المجتمع المحمّل بكثير من الهموم، وتحديدا الاقتصادية منها.

لن يجدي النواب نفعا إن هم خلطوا بين المصلحتين؛ فتقديم المصلحة العامة والاستغناء عن الخاصة بات حتميا ومصيريا، كون تكرار تجارب المجالس السابقة سيفضي بالمجلس الحالي إلى نفس المصير.

على ممثلي الشعب تحقيق التوازن بين مصالح المجتمع وبين برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تصر الحكومة على تطبيقه، لتجنيب الأسر أزمات اقتصادية جديدة؛ بحيث يقدم المجلس أداء يزحزح قناعات الناس. فهذه هي الوصفة الوحيدة القادرة على تأهيل مجلس النواب للحصول على ثقة من الرأي العام، بدلا من ثقات كان يمنحها مجانا لحكومات لم تقدم نفعا للمجتمع.

أما الحكومة، فحملها أكبر، وإحرازها للثقة أيضا بحاجة إلى اجتهاد من نوع مختلف. فهي أول حكومة برلمانية، وثمة كثيرون ينتظرون كيف سيكون إنجازها، ومدى التزامها بتطبيق برنامج عملها، كونها الأقدر على اتخاذ القرار وإحداث التغيير الإيجابي.

مجلس النواب السابع عشر هو الأول بعد كل الحراك المطالب بالإصلاح، والحكومة الثانية للدكتور عبدالله النسور هي أول حكومة برلمانية. وهذان عماد خريطة الإصلاح الرسمية، واجتياز اختبار الثقة بهما هو أساس متين للمضي في تطبيق الخطة، بحيث يتسلم المجتمع رسائل طيبة، تؤكد أن ثمة شيئا جديدا.

كسب الجولة بحاجة إلى تحضير متقن معدّ مسبقا، بحيث تقدم الحكومة برنامجا شاملا للإصلاح الاقتصادي للتقليل من التشوهات، لا يقتصر على قرار رفع أسعار الكهرباء المنتظر في حزيران (يونيو) المقبل، لتجنيب المواطن متوسط ومحدود الدخل التبعات السلبية للقرارات المحددة مسبقا.

بالضرورة، استعادة جزء من الثقة بحاجة إلى أداء استثنائي، يهدف إلى خدمة المواطن أولا وأخيرا. والحكومة والنواب يخضعان لامتحان حاسم، نتائجه تنعكس على المشهد بالكامل، وعليهما أن يكونا أهلا للمسؤولية، ومستعدين لاختبار الثقة الحقيقي مع الشارع، حتى لا نبقى نعاني من هذا الخلل. ( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات