في انتظار الانهاك والضعف والتفكك
يبدو ان اميركا تقف نشوى متشفية تنتظر انهاك وضعف وتفكك واقصاء ما كان وما يزال هاجسها الاكبر ومخاوفها الاكيدة من تنامي قوة الجهاديين الاسلاميين في منطقة الشرق الاوسط بعامة ،وفي بلاد الشام بخاصة، متمثلة في جبهة النصرة لبلاد الشام واخواتها ، والتي تخشى ان تصبح القوة العسكرية الاولى على ارض سوريا ، وقد تمتلك - وفق هواجسها- اسلحة خطيرة من قوات النظام التي بدأت تنهار ، وبخاصة ان جبهة النصرة تهدف إلى اقامة دولة اسلامية، فقد اكدت تقارير المخابرات الامريكية التي تنامى دورها في العراق ، وزلفت تعمل في سوريا - اذ شهد الحضور الامريكي السري توسعا في الفترة الاخيرة هناك- اكدت ان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين يدعم هذه الجبهة ويمدها بالمقاتلين والاسلحة، وان هذه الجبهة انضمت فعلا إلى تنظيم القاعدة ؛حيث ربطتها تقاريرهم بتنظيم القاعدة في العراق ، رغم ان جبهة النصرة نفسها نفت وجود صلات لها بتنظيم القاعدة، وان ليس لها ارتباط مع اي جهة اخرى، وان معظم مقاتليها سوريون، وانها لا تعترف بالائتلاف الوطني السوري ؛ولكنها تحترم الجيش الحر وتقدر تضحياته.
ان امريكا ومن قبلها اسرائيل لا ترغب بانهاء الصراع في سوريا؛ بل تهدف إلى استمرارية القتال وديمومته حتى اخر نقطة دم ، وترغب بتاجيل الحل العسكري إلى ما بعد انهاك وتفكك وضعف الطرفين، فهي تريد ان ترى الجيش السوري في اخر حالات الانهيار والتشتت والضعف ،وترى القوى الجهادية (العدو اللدود لها ممثلة في جبهة النصرة ) وقد استنزفت قواها واقصيت وتفككت وقضي عليها؛ لتنتهي هي واخواتها التنظيمات الجهادية الاخرى إلى مجموعات صغيرة مشتتة متهالكة متصارعة لا تكاد تسيطر على نفسها في منطقة هامشية على الارض السورية ، ان امريكا تعمل على احداث شقاق ونزاع وتعميق الشروخ بين صفوف تيارات المقاومة في الداخل والخارج، وتعمل بواسطة عملائها على ضرب وحدتها او اي اتفاق بينها ، وبخاصة فان سلطة وكالة المخابرات المركزية قد تحولت من العراق إلى سوريا لمواجهة جبهة النصرة المتنامية القوى، واي حركة جهادية اخرى، وهي مستعدة لعمل اي شيء من اجل ذلك، فقد دعا السناتور الامريكي (كيري ) للحوار مع نظام الاسد ورموزه - والذي يقدم نفسه على انه يحارب الارهاب-مع المعارضة نكاية في الجهاديين ومحاولة ابعادهم وتعريتهم واقصائهم من الساحة ، بالتعاون مع القوى الغربية الاخرى؛ للاستئثار بالساحة السورية ،وبالتالي المنطقة كلها للوقوف في وجه المخططات الايرانية، لذلك فان امريكا تقف اليوم موقف المنتشي المتشفي المنتظر ضعف الطرفين وانهاك قواهما وتفككهما، وذلك يشتم ويلمح مما دعا اليه اوباما من ان دور الولايات المتحدة الامريكية في الصراع السوري يقتصر على تقديم مساعدة غير قتالية للمعارضة ،مركزا على الدبلوماسية والدعم الانساني، والعقوبات اذا دعت الضرورة، رافضا ارسال اسلحة تجنبا من وقوعها بايدي المقاتلين في الجيش السوري الحر وجهاديي جبهة النصرة والتنظيمات الاخرى، وقد قال ان حرب سوريا ليست معركتنا ، ومع ذلك يقولون بانهم يريدون التوصل إلى حكومة ائتلافية ، والتسريع في التحضير للمرحلة المقبلة، مرحلة الضعف التي يريدونها في ظل حكومة ضعيفة هزيلة تحت سيطرتهم وتابعة لهم، وتأتمر بامرهم ،كما في العراق وباقي دول الشرق الاوسط.
لقد وضعت امريكا بذلك نفسها في خانة الصراع ومواجهة جبهةالنصرة رسميا ،وقد كثفت نشاط مخابراتها متابعة وملاحقة اعضاء هذه الجبهة والجهاديين الاخرين واعمالهم ، وبخاصة بعد ان نجحت جبهة النصرة في السيطرة على تقاطع استراتيجي هام للغاية على الحدود مع فسطين المحتلة والاردن وسوريا، شرق الجولان ؛مما يضعهم مباشرة على خط التماس مع العدو الصهيوني ،وفتحت الطريق امام المجاهدين لوصول إلى قطاع الجولان السوري، وذلك بعد معركة شرسة مع قوات النظام ، كما سيطرت جبهة النصرة على طريق مائي هام يبلغ طوله 70 كيلو مترا - كما ورد في الاخبار- وهو بمثابة شلال مائي ،وهم بذلك اصبحوا يسيطرون على مواقع متاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة ، والمهم انهم سيطروا على احد اهم مصادر المياه الثمينة، مما يحفز العدو الصهيوني على التدخل او فعل شيء ما ، فكما صرح قادته بانهم لن يقفوا مكتوفي الايدي في حالة تهديد امنهم الجغرافي او المائي.