العنف الجامعي ... ومقرر التربية المدنية
كنت قد كتبت مقالا نشر في عدة صحف إلكترونية تحت عنوان ( العنف الجامعي بين التنظير والتحضير ) وكان ذلك قبل بضعة أشهر .إذ انتشرت ظاهر العنف الجامعي بشكل كبير لتطال معظم الجامعات والكليات في الأردن . وكنت أمل أن نتخلص من هذه الظاهرة الغربية والممجوجة التي شوهت سمعت التعليم العالي في الأردن بل أثرت سلبا على مخرجات التعليم.
وكنت ومازالت أطرح فكرة أن يكون هناك مقرر أجباري في الجامعات يدرس ، تحت مسمى ( التربية المدنية ) ، لا نريد معنى فضفاض لا يحقق الغاية المرجوة ولكننا نريد إدراج فكر ثقافي ومعرفي واجتماعي خاص يغسل ما يعلق في ذهن كثير من الطلبة من أن الجامعة مكان للتسلية واللعب و( الطشات) وقضاء وقت الفرغ ... وتشكيل الأحزاب والتكتلات الضيقة القائمة على جهل القيم الجامعية الأصيلة القائمة على الفكر والثقافة والعلم والمعرفة والحوار والإبداع .
مقرر التربية المدنية الذي اطرحه وما زالت، يقوم على فكر شمولي في كيفية تعامل الفرد مع مجتمعة وفق المدنية ، ليست بمعناها الهلامي ولكن بمعناها الحضاري والثقافي القائم على قبول الآخر واحترامه كونه موجود . أي أن نعيش وفق نظام يقوم على الحوار واحترام الآخر فكرا وثقافة ووجودا وليس تهميشا وتغيبا و إقصاء. ففي التسعينيات عندما كنت في الجامعة الأردنية طبقت فكرة خدمة المجتمع بوصفها وسيلة لإشغال الطالب وقت الفراغ الطويل إذ يقوم بخدمة عشر ساعات في أي مكان عام أو خاص ويتم مناقشة هذا الأمر مع رئيس المجموعة الذي غالبا ما يكون عضو هئية تدريس غائبا نقوم " بتزريق ورقة الخدمة المختومة من تحت بابه مكتبه " !! ثم غالبية الطلبة كانوا يختمون أرواق من أي جهة مثل بلدية او مكتبة او منشاة عامة دون خدمة حقيقة . هذا التجربة فشلت فشلا ذريعا لغياب الرقابة والايمان الحقيقي بالتجربة .
اليوم وأكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة وبسرعة إلى مقرر ( التربية المدنية ) بمفهومه العصري الحديث القائم على احترام النظام العام ، فالوقوف في الدور نظام وثقافة ، سواء في المخبز او مطعم فلافل أو دائرة حكومية أو المشي في الشارع دون إزعاج الآخرين .. عدم الاعتداء على حرية الآخرين المسؤولة ... بمعنى قبول الآخر . فكما أنك موجود فهناك آخر موجود ،وكما أنك تمارس حياتك ، هناك من يمارس حياته ولكن كلٌ وفق نظام يجمعنا لا يفرقنا .