إعادة توزيع الفقر بين الفقراء

يقع صندوق المعونة الوطنية بين نارين: نار السياسات الكلية المنتجة للفقر، ونار زيادة أعداد الفقراء الذين يطرقون بابه، مع ثبات نسبي في موازنته.
وفق ما يعلنه الصندوق، يبلغ متوسط عدد طلبات المعونة الجديدة 500 طلب في الشهر، ولكن موازنة الصندوق تنمو ببطء لا يتناسب مع النمو العالي في الطلب على المعونة.
يعمل الصندوق الآن بموازنة قدرها تسعون ألف دينار توزع على تسعين ألف حالة، ولا توجد مخصصات للأعداد المتوقعة الجديدة خلال هذا العام، ولهذا وجد الصندوق نفسه أمام خيار وحيد يتمثل بإعادة توزيع المعونات بين الفقراء أنفسهم، أي أن الفقراء الأصلاء سيتقاسمون فقرهم مع زملائهم الفقراء المستجدين.
الأمر لا يتوقف هنا، فالصندوق لا يزال أسير تهمة زائفة تقول أن أكثر من ثلاثة أرباع معوناته تذهب لغير الفقراء، وهذه النسبة الكاذبة هي من انتاج وتوزيع البنك الدولي، وقد أعلنها عام 2005 ولا يزال يكررها للآن. ومن غير المعروف لماذا يرضخ الصندوق لهذا الافتراء المكشوف وبمعرفة الصندوق.
إن كذبة البنك ذائعة الصيت و كانت جزءاً من خطة شاملة (وطنية إذا شئتم) جاءت وقتها تحت عنوان "توحيد" الجهات التي تعمل في ميدان مكافحة الفقر، ومن المفارقة أن تلك الخطة توقفت رسمياً، ولكن الكذبة الشهيرة لم تتوقف.
يواصل الصندوق عرض همومه أمام الرأي العام من خلال الاعلام، ومن المؤسف أن أغلب الاعلاميين المتابعين لموضوع الفقر في الصحف والتلفزيونات والمواقع الالكترونية، لا يملكون الحد الكافي من التخصص وبعضهم لا يتقن مفردات الصنعة، يضاف الى ذلك ضعف الصندوق كهيئة مقارنة بأشباهه من الهيئات الرسمية ذات الصلة. يبدو وكأن الدولة تتعامل معه باعتباره "مؤسسة فقراء"، وعليها ان تتحمل... وللموضوع صلة. ( العرب اليوم )