قبرص- سابقة خطيرة

قبرص عضو في الاتحاد الأوروبي ، وهي تتعرض لازمة إفلاس خانقة ، ومع ذلك يتردد الاتحاد الأوروبي في إنقاذها.
الاتحاد الأوروبي عملاق اقتصادي يستحوذ على ربع الاقتصاد العالمي ، أما قبرص فهي قزم لا يشكل أكثر من خمس الواحد بالمائة من الاقتصاد الأوروبي.
سكان قبرص لا يزيدون عن 1ر1 مليون نسمة ، أي ما يعادل أقل من خمس سكان الأردن ، وناتجهم المحلي الإجمالي يناهز 22 مليار دولار أو حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الأردن ، أي أن حصة الفرد من الدخل في قبرص تعادل حصة الفرد الأردني أربع مرات.
ضخامة الاتحاد الأوروبي وضئالة قبرص تدعو للعجب من التردد في إنقاذ الدويلة الصغيرة طالما أن إمكانيات الاتحاد هائلة وكلفة الإنقاذ متواضعة جدأً ، وُقدرت بحوالي 17 مليار دولار.
الصعوبات تأتي من جانب ألمانيا التي لا تستطيع أن تتحمل تكاليف إنقاذ دولة أوروبية بعد أخرى ، خاصة وأن دولاً مثل إيرلندا وإسبانيا وإيطاليا مرشحة للإفلاس وطلب النجدة.
الخطة التي قدمها الاتحاد الأوروبي لإنقاذ قبرص تقتضي تقديم 10 مليارات من الدولارات فقط على أن تدبر قبرص سبعة مليارات أخرى بطريقة لا سابق لها ، وهي اقتطاع 10% من جميع الودائع المصرفية. (نسبة أقل للودائع الصغيرة).
كان من الطبيعي أن يحدث هجوم على سحب الودائع قبل أن يتم السطو عليها ، فأغلقت البنوك أبوابها لأيام عديدة ، وعندما أعيد فتحها وضع البنك المركزي قيوداً كمية على المبالغ الممكن سحبها.
مجلس النواب القبرصي رفض هذا الحل دون أن يكون لديه بديل ، وما زالت القضية معلقة.
صحيح أن قبرض دويلة صغيرة ولكن الأهمية للنموذج المطروح ، فلم يرف للاتحاد الأوروبي جفن وهو يطلب مصادرة نسبة من ودائع الجمهور ، الأمر الذي يشكل سابقة تاريخية في نظام اقتصادي حر ، فإذا كان هذا هو الحل المعتمد لقبرص فليس هناك ما يمنع من تطبيقه في الدول الأوروبية الأخرى التي تطلب الإنقاذ.
بعبارة أخرى فإن الودائع المصرفية لم تعد في مأمن ، ليس في بنوك قبرص فقط ، بل في جميع البنوك الأوروبية.
نعم قبرص صغيرة ، ولكنها تقدم درساً وعبرة لمن يعتبر. سوء الإدارة والفساد أوصلا قبرص إلى هذه الهاوية ، وعلى الشعب القبرصي الآن أن يدفع ثمنأً باهظاً. ( الرأي )