مَن "تسوّل" له نفسه التسول

اقترب الموسم الرئيسي للتسول الصيفي الذي من المتوقع كالعادة أن تشترك فيه الأطراف الثلاثة الرئيسية: المتسولون الممارسون، والجهات المانحة، والجهات المكافحة.
على سبيل تطوير مهارات الأدب الشعبي المعاصر يتداول الناس القصص والحكايات عن متسولين يملكون قصوراً وأرصدة في البنوك وسيارات، وهناك العشرات من هذه القصص، وبعضها عابر للحدود يروى في عدة دول، وهناك قصص وردت في الأفلام يرويها الناس ويقسمون أنها حصلت أمامهم، وعادة ما يكون اكتشاف تلك القصص بعد وفاة أصحابها، وذلك لغايات الحرص على النهايات الدرامية.
نقرأ على سبيل المثال، أن متسولاً يجمع 20 ديناراً في اليوم، وعادة ما تكتب الصحف ذلك بالبنط العريض وبعناوين بارزة، مع إشارة تعجب في آخر العنوان لكي يتعجب من لا يتعجب بمجرد قراءة الكلام نفسه، وذلك بهدف القول إن ذلك المتسول يكذب وهو يدعي الحاجة؛ فكيف يحتاج من يجمع مثل هذا المبلغ؟ ولكننا في هذه الأثناء ننسى أنه لولا التسول لما جمع المبلغ!
في سياق مالي آخر مشابه إلى حد ما، عندما نسمع ان موظفاً اختلس أو ارتشى مبلغ 10دنانير ، نعتبر ذلك المبلغ صغيراً ثم نستغرب كيف "دنـّى نفسه لعشرة دنانير"، بمعنى أنـه كان عليه أن "يُعلي نفسه" باختلاس مبالغ أكبر، لكن عندما نسمع ان متسولاً جمع طيلة يوم عمل 10 دنانير، نعتبر المبلغ كبيراً ونقول: انظروا كم يكسب المتسولون في اليوم! أي أنه كان عليهم أن يكسبوا مبلغاً تافهاً كي يصبح تسولهم مقبولا! ( العرب اليوم )