بعد إذن "جماعة الثورة" السورية

وفق أرقام أردنية رسمية، بلغ عدد اللاجئين السوريين العائدين الى وطنهم 35 ألفاً منذ شهر تموز الماضي، وفي يوم الخميس الفائت فقط عاد 2500 لاجئ.
المعروف أن عودة اللاجئ أصعب من قدومه، فهناك بنود في القانون الدولي تحكم العملية. وقبل أكثر من عام مثلاً، علمت عن مبادرة من قبل بعض أبناء الرمثا لتنظيم عودة مَن يرغب من اللاجئين بناء على ترتيبات مع المناضل السوري الدكتور علي حيدر وزير المصالحة الوطنية، ولكن المباردين تفاجأوا بأن ذلك ممنوع وفق القوانين الدولية.
يعرف القريبون من يوميات اللجوء السوري، أن الأمر بدأ كواحد من مظاهر تجارة الحروب والنزاعات الأهلية. ويمنعني احترامي لمشاعر اللاجئين (وأغلبهم من الفقراء السوريين)، من وصف بعض المجريات، إنها عملية صناعة لجوء بامتياز. لقد تجوّل تجار اللجوء بين مختلف الدول المحيطة بحثاً عن أفضل الأسواق، والمحاولات الأولى عبر الحدود الأردنية أفشلها الشعب السوري. وعلى الصعيد الشخصي فإن المشهد الذي رأيته في الرمثا (مدينتي)، كان كفيلاً بتغيير موقفي تجاه الأزمة ككل، فقد كنت ولا زلت متضامناً مع احتجاجات الشعوب، ولكن صعقني ما شهدته من تلاعب بمشاعر الجمهور من الشعبين على طرفي الحدود. إن أعداء الشعوب لا يترددون لحظة عن "تسليع" قضايا الشعوب، إنها بالنسبة لهم مجرد سلع معدة للبيع والشراء.
سوق اللجوء التركي كان مربحاً في البداية، وكذلك اللبناني. لكن المشكلة أن تجارة الحروب جزء أصيل من سوق السياسة، وقد أفشل السوريون شعباً وجيشاً ودولة، السوقين السياسيين التركي واللبناني، ثم نشأت ظروف سياسية جديدة حولت الاستثمار في المعاناة السورية الى السوق الأردني، وهو بالمناسبة سوق أردني بالمكان فقط، بل إن مصالحنا الوطنية، هي الأخرى، معروضة للبيع فيه. ( العرب اليوم )