العنف الجامعي يا دولة الرئيس

مواجهة العنف الجامعي تمثل أولوية و ضرورة قصوى تتقدم كل الأولويات الاخرى و يتحمل رئيس الحكومة المسؤولية الاولى في قيادة المجتمع الاردني نحو وضع حد لهذه الظاهرة المرعبة و المتفاقمة بحيث اصبحت لا تحتمل مزيدا من التأجيل و مزيدا من غض البصر .
ينبغي المسارعة الى وضع خطة طوارئ لمواجهة هذا الوضع المتدهور على صعيد الجامعات ، ويجب ان تكون المسألة الاولى على جدول اعمال مجلس الوزراء ، كما ينبغي ان يتم تدشين حملة رسمية و شعبية منسقة على كل المحاور ، فالأمر جد لا هزل فيه .
مواجهة العنف الجامعي لا يمكن ان تتم عبر الندوات ، و المحاضرات و المقابلات التلفزيونية و كتابة المقالات الصحفية لان الأغلبية الساحقة من الطلاب المعنيين لا يدرون ما يجرى في اروقة الحكومة و لا يستمعون الى المحاضرات و لا يشاركون في الندوات، و لا يقرأون المقالات ، ولذلك يجب الانتقال الفوري الى اساليب عملية و خطط واقعية مدروسة تشترك فيها الحكومة و كل الفعاليات المجتمعية و الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ، ويجب ان يتولى رئيس الحكومة قيادة هذه الحملة بنفسه و يقوم بتنسيق الجهود و توزيع الادوار .
امام هذه الظاهرة المستفحلة هناك اجراءات علاجية سريعة و هناك اجراءات استراتيجية بعيدة المدى ، لا بد منها جميعا ، اما الاجراءات السريعة تبدأ بتوجيه تعليمات سريعة لرؤساء الجامعات على ابداء الحزم بمواجهة المجموعات التي تستخدم العنف وتسبب به ، بحيث يتم فصل كل من تورط في استخدام هذا الاسلوب غير الحضاري ، بلا شفقه و بلا ادنى استجابة للضغوط العشائرية او الوساطات القادمة من المتنفذين و اصحاب الزعامة. لانه في الأعم الاغلب لا تصدر هذه الافعال الا من اولئك الطلاب الذين يشعرون بالظهر المسنود ، و غالبا لا يلجأ الى العنف الا من خلال شعوره بالحماية .
يجب على كل الجامعات ان تشرع بإيجاد تشريع طارئ ينص على ايقاع عقوبة مغلظة على كل من يتورط في حوادث العنف الجامعي ، وان تلغي التشريعات التي تغلظ العقوبة على توزيع منشور او كتابة ورقه او القاء كلمة او قصيدة سياسية معارضة او المشاركة بمسيرة سلمية او نشاط سياسي .
تستطيع الجامعات ان تستعين (بكاميرات) ترصد كل التحركات في ساحات الجامعات و شوارعها و على اطرافها ، بحيث يتم التبين من شخصيات الطلاب الذين اشتركوا في حوادث العنف و كل من ارتكب جريمة الاعتداء على زميله بالضرب بالايدي او استخدم الالات الحادة او الاسلحة احيانا
اما الاجراءات بعيدة المدى فيجب ان تكون قائمة على دراسات بحثية وأوراق عمل مدروسة يتم التوصل اليها عبر الندوات المختصة و المؤتمرات العلمية التي ينبغي ان تتناول جميع المحاور المتعلقة بهذه الظاهرة و من اهمها :
• الجانب المتعلق باختيار اعضاء هيئة التدريس الذي يجب ان يرتكز على منظومة معايير علمية رصينة تخلو من مرض الوساطات و المحسوبيات المتفشي في مجتمعنا الاردني بشكل مزمن .
• الجانب المتعلق بتعيين ادارات الجامعات الذي ينبغي ان يكون مدروسا بعناية ويخلو من الصفقات و التعيينات القائمة على معايير جهوية او مناطقية او عشائرية ، و لا تمت الى المعايير العلمية و الادارية بصلة .
• الجانب الثالث يتعلق بطريقة القبول الجامعي التي يشوبها خلل كبير وواضح ، فالأصل الا يحصل على مقعد جامعي الا الطالب الذكي المجد صاحب التحصيل المرتفع الذي يؤمل ان يمثل مشروع عالم مستقبلي وفق لتنافس عادل مع مراعاة البعد التنموي بطريقة مدروسة .
• الجانب الرابع المتعلق بالمناهج ، التي يجب ان تحوي مادة دراسية تعالج الجانب الاخلاقي القيمي الذي يرفع من مستوى الطلاب الحضاري ، ويجب ان يتولى تدريس هذه المادة نخبة من افضل الاساتذة الذين يشهد لهم بحسن السيرة والسلوك و الخلق الرفيع و الحس الرسالي و الانتماء الوطني والمستوى العلمي المتميز .
• الجانب الخامس ، يجب وقف كل التدخلات الامنية بشكل قاطع و حاسم في تعيين الادارات الجامعية او في عملها او في تعيين الاساتذه او في قبول الطلاب ، او التدخل في انتماءاتهم الفكرية و السياسية فهذا زمن انتهى و انقضى ويجب مراجعة هذا الخط الذي اسهم في ايجاد هذه الحالة المرعبة التي تهدد المجتمع و مستقبل الوطن . ( العرب اليوم )