مشاعر اقتصادية على مستوى "الماكرو"

أصدرت دائرة الموازنة العامة "دليل المواطن" لموازنة العام 2013، وذلك بهدف إطلاع المواطن على مكونات وحالة الموازنة بلغة ميسرة.
إن بيانات ومعلومات الموازنة تتعلق بالاقتصاد الكلي "الماكرو"، ولهذا فإن الدليل يسعى الى تقديم الاقتصاد بعين مختلفة عما يعيشه المواطن على المستوى الجزئي أو الفردي.
فكّرت ذات يوم قبل سنوات، وكتبت أيضاً، عن ضرورة نشوء "المواطن ماكرو" الذي يتحلى بمشاعر اقصادية كلية، فقد ظل المعلقون يتساءلون عن التناقض الكبير بين ما يشعر به المواطن الفرد، وبين ما يُعلَن من أرقام كلية، وبعضهم كان يشكك بمواقف الناس وشكواهم؛ فكيف يكون لدينا مثل هذه الأرقام الكلية ولا يشعر بها الناس؟ في ذلك الوقت كانت الأرقام الكلية تثير الابتهاج العام، بينما تتميز مشاعر الأفراد بالبؤس والقلق.
غير أن "دليل المواطن" المشار إليه، له فيما يبدو أهداف أخرى، فهو بالتأكيد لا يهدف الى رفع مشاعر المواطن من الفردي التعيس الى الكلي البهيج، فالأرقام الكلية اليوم ليست على ما يرام، والدولة على الأغلب تريد أن تقول للمواطن أن "الحال واحدة". إنها تريد أن تطلعه على حال الموارد والنفقات وعلى الطريقة التي تدار بها الأمور، أي انها، بكلمات أخرى، "تشكو همّها" الكلي للمواطن الجزئي.
تستعير الدولة الخطاب الاقتصادي الشعبي، وهي بحاجة للتدريب على "قطع اليد والشحدة عليها"، وإلى تمارين في الجلوس "على الحديدة" والعيش "على باب الله"، وهو ما يفتح الطريق نحو دمج مستويي الاقتصاد الكلي والجزئي معاً، مما قد يشكل إسهاماً محلياً في النظرية والممارسة الاقتصاديتين. ( العرب اليوم )