رئيس بلا "جماعة رئيس"

بالتدريج، ومنذ حكومات العقدين الأخيرين، تلاشت ظاهرة سياسية أردنية شهيرة كان اسمها "جماعة الرئيس"، التي كانت تعني مجموعة الوزراء الذين يأتون مع كل رئيس ويرحلون معه، وإذا عاد يعودون معه.
شكّلت فكرة "جماعة الرئيس"، بديلاً عن غياب التيارات السياسية. وقد اشتهرت جماعات مثل "جماعة مضر بدران" و"جماعة زيد الرفاعي"، وكان الكباريتي آخر رئيس وزراء بجماعة واضحة، والى درجة أقل منه "الروابدة" الذي كان هو اصلا من جماعة بدران، غير أن بدران الثاني، أي عدنان بدران، لم يكن من الرؤساء ذوي الجماعات، ومثله البخيت والطراونة والذهبي والخصاونة، بينما حاول كل من ابو الراغب والمصري أن يكونا من اصحاب الجماعات دون ان يوفقا كثيراً، رغم أن كلاً منهما جمع فريقاً تمتع ببعض الانسجام الداخلي.
الواقع انه في السنوات الأخيرة تلاشت دوافع تشكيل "جماعة" عند طرفي العلاقة، أي عند الرئيس والوزراء، ذلك أن استحقاقات وشروط مثل هذه العلاقة لم تعد ممكنة، وقد حلت محل تلك الظاهرة، ظاهرة اخرى للاشارة الى المسؤولية عن النهج الحكومي، فقد برزت بقوة فكرة الحكومات الشكلية، التي عُرفت تحت مسمى "التخلي عن الولاية العامة".
إن التخلي عن الولاية العامة وغياب "جماعة الرئيس"، كان يعني أن إدارة الدولة انتقلت الى "جماعة" أخرى، وكثيراً ما يقال أن القرار بيد "الجماعة"، مع تنوع في المقصود من حالة لأخرى. هذا يعني أننا، خلال السنوات الأخيرة، انتقلنا من عهد "جماعة الرئيس" الى عهد "الجماعة" على العموم.
غير أننا اليوم أمام تطور جديد، إذ يبدو، والله أعلم، ان الرئيس الحالي (النسور) بصدد التأسيس لظاهرة جديدة تتمثل في الإدارة بلا "جماعة رئيس" وبلا "جماعة" على العموم، ولعل هذا يفسر جانباً من المأزق الذي يعيشه هذه الأيام. ( العرب اليوم )