هذا الحريق المذهبي من سوريا ولبنان إلى العراق

تم نشره الأربعاء 24 نيسان / أبريل 2013 01:55 صباحاً
هذا الحريق المذهبي من سوريا ولبنان إلى العراق
ياسر الزعاترة

رغم أنه نقل عن مصدر لم يسمه بأن عدد المقاتلين الأجانب في صفوف المعارضة قد بلغ 40 ألفا، هو الذي سبق أن قال قبل شهرين فقط، إنهم 2000، مقابل مئة ألف من السوريين، إلا أن الأخضر الإبراهيمي لم يستثن هذه المرة من يقاتلون إلى جانب النظام السوري، حيث قال بالنص إن “أجانب يقاتلون إلى جانب الحكومة في سوريا، وهو ما أكده الأمين العام لحزب الله ومتحدثون رسميون في إيران”، مشيرا إلى تقديرات بأن “لحزب الله آلاف المقاتلين في سوريا، إضافة إلى مستشارين يساعدون النظام في إدارة ميليشيا اسمها جيش الشعب تعمل للدعم أو التعويض عن عصابات الشبيحة”.

بعيدا عن الأرقام، فالجنازات الصامتة لم تعد سرا من الأسرار في لبنان، إذ إنها تتوالى وسط همس يرتفع في أوساط بعض الشيعة أنفسهم يتساءل عن المسار الذي يجرُّ حزب الله الشيعة ولبنان إليه، لاسيما بعد أن ارتفع صوت قادته معلنا أن القتلى هم شهداء لبنان وليس الطائفة فقط، كما في حديث نبيل قاووق، أحد مسؤولي الحزب، الذي أضاف أن “ما يقوم به حزب الله ازاء هذه القضية هو واجب وطني وأخلاقي في حماية اللبنانيين في القرى الحدودية”!!

والحال أن تورط الحزب في القتال في سوريا ليس جديدا، وهو يسعى إلى التغطية على نفسه بحكاية حماية الشيعة اللبنانيين في القرى الحدودية، لكن الحزب اليوم بات يقاتل في دمشق، كما يؤكد حديث الإبراهيمي وكثير من المصادر الأخرى، وبالطبع بعد أن قررت إيران الزج بكل قوتها خلف النظام للحيلولة دون اجتياح الثوار لدمشق، وما بعض التقدم الذي أحرزه جيش النظام مؤخرا إلا نتاج هذا الإسناد الكبير.

ولما كانت إيران عاجزة عن تقديم المقاتلين خشية تأثير ذلك على وضعها الداخلي قبل الانتخابات الرئاسية، بينما تكتفي بتقديم الخبراء والسلاح والمال (لولا مالها لانهار النظام اقتصاديا منذ نهاية العام الماضي، هو الذي لا زال يدفع بانتظام رواتب موظفيه وعسكره، مضافا إليهم جحافل الشبيحة)، ولما كان الأمر كذلك، فقد أوكلت مهمة القتال المباشر إلى عناصر من حزب الله، وبعض المليشيات العراقية، لكن مقاتلي الحزب يتصدرون الموقف نظرا لخبرتهم القتالية.

اليوم يأتي الرد من بيروت على لسان الشيخ أحمد الأسير، وهو رجل مستقل يجمع من حوله بعض الشبان في صيدا وجوارها، حيث أعلن عن تأسيس كتائب المقاومة الحرة، التي ستكون مهمتها نصرة السوريين بعد تورط حزب الله، ويبدو أن الأمر سيأخذ مداه، ولولا أن الرجل قد وجد من يوفر له المال والسلاح، لما أعلن عن خطوته الجديدة، ومن المؤكد أن هناك من المقتدرين السنة في الداخل والخارج من سيدفع له، ومن سيوفر له السلاح.

المشكلة أن الأمر قد يتجاوز سوريا إلى لبنان قريبا، لاسيما أن الحزب قد يرد على الشيخ الأسير بطريقته (قد يغتالونه بطبيعة الحال)، بخاصة أننا نتحدث عن حشد مذهبي غير مسبوق في الساحة اللبنانية وعموم المنطقة، بينما يعزل الشارع أية قوى سنية تقترب من الحزب بأي قدر كان، فيما يعلم الجميع أن قبول الحزب بتمام سلام رئيسا للحكومة، إنما كان بهدف التفرغ للساحة السورية (الإستراتيجية)، وهو ما قبلته إيران، فيما كان العرب الداعمون للحكومة في مزاج تفرغ لملاحقة الإخوان المسلمين كما يبدو .

وسط هذا الحشد الرهيب، جاءت مجزرة الحويجة في العراق، حيث هاجمت قوات المالكي المعتصمين هناك وقتلت العشرات منهم، وجرحت المئات، الأمر الذي ينذر بإخراج الاعتصام السلمي عن مساره نحو حمل السلاح، وهو ما سيعيد العراق إلى أسوأ حالاته (هل غادرها أصلا؟!).

سيكون من السهل على شبيحة بشار بمختلف تنويعاتهم الطائفية والفكرية أن يتهموا من يشاؤون بهذه التطورات الخطيرة، ويحيلوا الأمر إلى مؤامرات كونية وعربية ونفطية ووهابية وإخوانية، وحتى صهيونية، وكل ذلك من أجل أن يتجنبوا إدانة المجرم الذي واجه شعبا يطالب بحريته بالرصاص الحي، وصولا إلى الصواريخ والبراميل المتفجرة، ومن ورائه مجرمون وقفوا خلفه لأسباب أكثرها طائفي لا صلة لها بالمقاومة ولا بالممانعة.

ليس ثمة عاقل يسعده هذا الحريق الذي يشتعل في المنطقة، ولا يخدم غير أعداء الأمة، ولكن ما الحيلة إذا كانت إيران لا تريد الرشد، وتصر على مشروع تمدد ترفضه موازين القوى ومنطق التاريخ والجغرافيا والسياسة، في ذات الوقت الذي تصر على دعم جزار يقتل شعبه؟!

إذا لم تبادر إيران إلى وقفة مع النفس، فستكون الخاسرة، وستجرُّ الشيعة العرب إلى خسارة أكبر. وإذا كانت الأمة ستخسر في هذه المعركة أيضا، فهي تخوضها مضطرة لا راغبة، بينما تخوضها إيران بروحية الغطرسة، ويركض خلفها غالبية الشيعة العرب، رغم أنها معركة تضر بعلاقتهم مع إخوتهم الآخرين في المنطقة؛ رغم أن ربيع العرب كان يبشر الجميع بزمن تسود فيه العدالة والمساواة بين الناس، بصرف النظر عن انتمائهم العرقي والطائفي. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات