خريطة "الدّقارة" النيابية

يتعين الانتباه الى ما وراء عمليات التصويت على الثقة التي حصلت مؤخراً، فهناك الكثير من المشاهدات الغنية بالدلالات الهامة بعيدة المدى، على طبيعة الحياة الداخلية للسلطة التشريعية في الوقت الراهن.
من اللافت مثلاً أن القوائم الوطنية التي فازت بنائبين وعددها أربعة (منها واحدة فازت بثلاثة نواب)، انقسم ممثلا كل منها الى موقفين، أحدهما حجب والثاني منح. لقد حصل ذلك مع "الوسط الاسلامي" و"الأردن أقوى" و"الاتحاد الوطني" وقائمة "وطن".
الملاحظة ذاتها تتكرر مع أغلب الدوائر التي يمثل كلاً منها نائبان، فقد انقسما أيضاً؛ أحدهما منح والثاني حجب، لقد حصل ذلك مثلاً في دوائر معان وعجلون والرمثا.
المشادّات الكلامية التي حصلت بعد انتهاء عملية التصويت، دلّت بوضوح على ثنائيات أخرى، ضمت كل منها نائبين، أحدهما منح الثقة فأعلن عن فرحه بالنتيجة، والثاني حجب الثقة فغضب ولم يعجبه فرح زميله في "الثنائية الضدّية" النيابية، وأنا هنا أستعير تعبير "الثنائية الضدّية" من مفاهيم المدرسة البنيوية في النقد الأدبي.
المشهد الذي عشناه وتابعناه، بكل مراحله ابتداءً من المشاورات وانتهاء بالتصويت، يشجع على الخروج بملاحظة قد تسمح بالتأسيس لما يمكن أن نطلق عليه نهج "الدقارة النيابية"، وهو منحى خاص بالعمل السياسي الأردني يتناسب الى درجة التطابق مع الميل العام الشعبي الى ممارسة "الدقارة" كمتعة عامة، غير أن النواب الحاليين نجحوا في نقل الأمر الى المستوى الرسمي، وهو ما يعني الاقتراب من تحقيق هدف "مأسسة الدقارة". ( العرب اليوم )