لم نسمع صوت «حماس»!

اللافت في ما يجري من احداث، سواء على صعيد “التسوية” وما يطرح على هامشها من تصورات، أو على صعيد “المحاور” التي تتشكل في المنطقة استناداً للتعامل مع الملف “السوري”، هو غياب صوت حماس.
حين ندقق في المشهد السياسي نكتشف أن “الفاعلين” في منطقتنا يتحركون باتجاهات مختلفة، فقد حسمت منظمة التحرير الفلسطينية موقفها من “القدس” والمقدسات واختارت ان تضعها في عهدة الاردن من خلال توقيع اتفاقية الوصاية، فيما آثرت حماس الصمت، كما ان “ملف” التسوية تحرك باتجاه البحث عن حلول بعد زيارة اوباما اخيراً للمنطقة، لكن حماس “علقت” بخجل والتزمت “الحياد”.
تجاه “الحدث” السوري المفزع -ايضا- اتضحت خريطة “التخالفات”، لكن حماس التي كانت محسوبة على خط “طهران- دمشق- حزب الله” خرجت من المنطقة التي اصبحت “محظورة”، واللافت انها لم تعلن “انضمامها” بشكل واضح الى أي من المحاور الاخرى.
ورقة “حماس” -ايضا- تم استخدامها في مصر للضغط على “الاخوان” وتشويه علاقتهم معها، لكن حماس لم تبالغ في “تعليقها” على الحدث، وحاولت ان تنأى بنفسها بعد ان اكتشفت بأن “الواقع” المصري الجديد لا يحتمل مزيداً من التدخل او حتى تقديم النصائح.
قبل نحو شهر، تم التجديد لخالد مشغل في رئاسة الحركة، وجرى تغيير بعض المواقع في المكتب السياسي، لكن “القيادة” المتجددة اختارت ان تتوارى عن التصريحات الاعلامية، واعتقد اننا لم نرَ منذ ذلك الوقت مشعل في وسائل الاعلام بعكس ما عتاد عليه الرجل.
بعض التسريبات تشير الى زيارة قريبة لـ”مشعل” الى عمان، ولدى الرجل -بحسب مقربين- ملفات يريد ان يبحثها مع المسؤولين الاردنيين، لكن المرجح ان علاقة حماس مع عمان لم تنقطع -اصلا- فقنوات الاتصال منذ زيارة مشعل الاولى -وربما قبل ذلك- ظلت مفتوحة.
ليس سراً -بالطبع- ان العلاقة بين حماس وعمان عادت الى طبيعتها، وان لقاء مشعل الاخير مع كبار المسؤولين الاردنيين افضى الى “تفاهمات” غير مسبوقة حول التسوية، وقد سمعت من مسؤولين في حماس ان الحركة “وضعت” اوراقاً سياسية مهمة لدى الاردن، وبما يشبه “التفويض” لتحديد مسار العملية السياسية المرجح انطلاقها بدعم من واشنطن.
يبقى ان انحياز حماس في هذا “التوقيت” للصمت يمكن تفسيره وفهمه استناداً الى اعتبارين: احدهما ان حماس الآن تبحث عن “تموضع” سياسي جديد بعد ان خرجت من “طوق” الممناعة، لكنها في ظل تقاطع التحالفات واختلاط “الاوراق” السياسية لم تفلح بعد في حسم خياراتها، اما الاعتبار الثاني فهو ان حماس لا تريد ان تحسب على اي “محور” لان انحيازها ستترتب عليها خسارات لا تستطيع ان تتحملها، وبالتالي فهي تقف في “الوسط” وربما تسعى الى ايجاد “مشتركات” ما بين حلفاء تعتقد ان المصالحة بينهم سيصب في مصلحتها.. ومصلحتهم ايضاً.
لا ادري -بالطبع- اذا كان لدى عمان ما يدفع “حماس” الى الخروج من دائرة “الحيرة”، لكن ما اعرفه ان المرحلة القادمة ستحتاج الى “اوراق” سياسية بعضها بيد “حماس”، وبالتالي فان حضورها في الايام القادمة سيشير الى تحولات ربما تكون كبيرة وخاصة في ملف “التسوية” الذي توارى مؤقتا بسبب طبول الحرب التي بدأت “تدق” في منطقتنا تحت لافتة “انهاء” الصراع في سوريا. ( الدستور )