مجرد خطأ مطبعي!!

استعار العرب المعاصرون اسماء هزائمهم من معجمين، معجم الكوارث الطبيعية عندما اطلقوا على هزيمة عام 1948 اسم النكبة. وهي من منجزات الطبيعة وليس التاريخ شأن البراكين والزلازل والصواعق، واستعاروا اسم النكسة من المعجم الطبي، وهو مصطلح يراد به توصيف حالة المريض الذي تماثل للشفاء ثم انتكس!!
واعجب اسم استحدثوه للاحتلال كما في المثال بل الامثولة العراقية هو التحرير ولا ندري ما هو الاسم الذي سوف يطلقونه على هذا الخراب الخريفي لكن بعد ان تكون الفؤوس كلها قد وقعت في الرأس.
اما العلاقة بين الاخصاء والاخصاب فهي مهددة باي خطأ مطبعي يحذف الفارق بين العقم والاخصاب، فما يسقط سهوا الان ليس رقما او اسما فقط، انه امة باسرها واسراها معا.
والان بعد هذه المقدمة الاشبه بتسخين الاصابع، علينا ان نقول بلا مواربة ان من قرأ وتعلم وفك الحرف، انما فعل ذلك من اجل لحظات كهذه التي نموتها اكثر مما نعيشها، واذا كان القرش الابيض لليوم الاسود كما قال اسلافنا في ايامهم السود، فان الفكرة البيضاء هي ايضا للجهل الاشد سوادا من الفحم.
واذا لم نقل الان ما تعلمناه وادركناه فلن نقول ابدا، الا بعد فوات الاوان كما يحدث للنعجة في امثال البادية.
ما نراه ونتعامى عنه فرارا او خوفا او خجلا هو ان كلمة الامة قد فقدت بالفعل الشدة فوق حرف الميم وتحولت الى امة لكن ليس لله او الرسول، بل لمسليمة والاسخريوطي وابن العلقمي وسائر العائلة من خراتيت التاريخ الاعمى!
اوشكنا قبل عقود ان نشكر الاعداء على ما عفوا عنه، وقلنا ان القليل خير من اللاشيء والعدم, لكن لعاب اعدائنا سال حتى اغرق حدودنا وما كان يسمى ذات عروبة غاربة ثغورنا! فمن حظي بتعلم القراءة والكتابة هذه لحظته المؤجلة والتي أزفت لتختبر جدوى ما قرأ وما كتب.
وكم كان رسولنا الكريم سباقا عندما قسم العلم الى نوعين نوع ينتفع به واخر لا نفع منه. لهذا فإن من تصوروا ذات يوم منذ زمن العثمنة وما أعقبه من تتريك ان العلم نعمة ان يظهروا هذه النعمة على الملأ، كي لا يكون الأمي البريء اشرف مليون مرة من متعلم يقرأ العربية من اليسار الى اليمين ولا يفرق بين ابن الوليد وابن اللقيط وبين ذات النطاقين وذات الموبايلين.
ما الذي ننتظر حدوثه أكثر من هذا، فما من زبى لم يغرقها السيل.
فالعربي يعاني غربة مزدوجة في عقر وطنه، وعما قليل قد يعتذر من اسمه اذا كان منحوتا من الابجدية وعن لونه ان كان بلون القمح او التراب!
ما نخشاه ليس احلافا مدججة ولا هزائم قادمة تعيد تقسيمنا كالبلطجية او البرتقالة، فكل ذلك يحدث لكل الامم وتكبو وتنهض وتلك هي جدلية التاريخ.
ما نخشاه هو ان الاخصاء التاريخي. قد حدث بالفعل، وتحت جرعات من التخدير. وما نخشاه ايضا هو خطأ عسكري لا مطبعي يحذف الفارق الجوهري بين همزة الاخصاء وباء الاخصاب!! ( الدستور )