المشاكل الجامعية مسرحية .. فمن هو المخرج ؟!
الحق يقال ان العين لتدمع ’ وان القلب ليحزن على كل ما جرى ويجري في جامعاتنا الأردنية ، منابر العلم والمتعلمين ، منابر الثقافة والمثقفين ، التي أصبح القلم فيها سلاحا ، والمداد فيها دما يراق هنا وهناك ، يخرج الطالب من منزله فلا شيء يضمن أن لا يكون ضحية لواحدة من هذه المشاكل التي بتنا نسمع عنها كل يوم ، في ذات التوقيت وبالطريقة ذاتها ، تبدأ بفورة الدم وتنتهى بنافورة الدم ، ويتدخل الوسطاء والوجهاء ، فيبقى الطالب المجرم طالبا ، ويصبح الضحية تاريخا يذكره من يذكره وينساه البقية .
المشاكل الجامعية هي مشكلة قديمة بقدم جامعاتنا ، ولكنها في الفترة الأخيرة بدأت تأخذ مسارا مختلفا عن العادة ، بدأ المشهد أكثر وحشية وأكثر دموية ، والملفت للنظر أن هذا المشهد لا يختلف عن لوحة فسيفسائية توزعت على الجامعات شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا ، ما يفرض علينا أن نفكر بطريقة مختلفة تقود إلى نتائج عملية يلمسها الجميع على ارض الواقع . وأول شيء يجب أن ننطلق منه في مكافحتنا لهذه الجريمة البشعه ، هو أن نعترف بأن هناك يد خفية وراء ما يحدث اليوم ، هذه اليد ربما تكون من الداخل ، وربما وهو الغالب على الأمر أن تكون من الخارج ، نريد تحليلا دقيقا لكل ما حدث في الفترة الأخيرة ، المشتركون في هذه المشاكل ، ثم أسباب المشكلة بالتفصيل ، ثم سبب وجود السلاح في الجامعة .
ثم ننتقل إلى الشق الثاني من الموضوع ، لماذا لا يتم محاسبة من يعتدي على الجامعات وممتلكاتها وطلابها ، ومن هم وسطاؤهم ، ومن هو المسؤول عن هذا التقصير الذي أدى إلى أن يتمادى البعض فلا يحسب حسابا لاي أحد أو لأي شيء ، ولنعتبر أن هذه الإجراءات هي بمثابة درهم الوقاية الذي يجب أن ندفعه قبل أن نضطر لدفع قنطار من العلاج ، بعد ذلك ننتقل إلى الأهم من كل ما ذكرت ، فيبدوا والله أعلم أن ما جرى ويجري هو بمثابة سلسلة متواصلة من المشاكل التي لن تنتهي بسهولة ، فمن مات بالأمس سيثأر له البعض في الغد ، ومن ضرب بالأمس سيثأر لنفسه في الغد ، وهكذا ، والأمر في غاية السهولة ، فلا حسيب ولا رقيب ، لذلك وقبل أن تقع الفأس في الرأس ، ويا لكثرها المرات التي قلت فيها هذه الجملة فلم يسمع مني أحد ، ولكن كما يقال " الزن أمر من السحر " ، فلعل بعض الكلام ما له مفعول السحر على أصحاب القرار ليتصرفوا فينقذوا بذلك مجتمعا كاملا من الانهيار ، فالمشاكل الاجتماعية بشكل عام تنخر في عظم المجتمع كما تفعل الخلايا السرطانية في الجسم ، يبدو سليما من الخارج ، ثم في لحظة واحدة يصاب بانهيار كامل لا ينفع معه العلاج .
كما بدأت لنتفق أن هناك يدا خفية وراء ما يحدث ، ولنضع كل الاحتمالات ، إن كانت هذه اليد من الداخل سواء أكانت حكومية أو طائفية أو حزبية أو ذات توجهات سياسية مشبوهة فلتعلم أنها تصطاد في الماء العكر ، وأن الوتر الذي اختارته لتعزف عليه هو ذات الحبل الذي سيلتف على أعناقها فيرديها ، وهذا الأختيار الخاطئ ليدل دلالة واضحة على غباء الشخص أو الجهة التي قامت بالاختيار ،واذا كانت هذه اليد خارجية بشكل مباشر ، أو داخلية بتوجيه خارجي، فهنا يجب أن تكشر الدولة بأجهزتها الاستخباراتية والمخابراتية عن أنيابها ، فإنني قد ترعرعت وأنا أسمع عن قوة جهاز المخابرات الأردني ، وما يجري اليوم في الجامعات الأردنية لهو تحد صريح لهذا الجهاز (لاحظوا أنني افترضت أن المسرحية ليست من اخراج المخابرات اصلا) ، ولذلك فالمطلوب زيادة عدد المخبرين داخل الجامعات الأردنية ووضع الطين في الأذن اليمنى والعجين في اليسرى وعدم سماع الأصوات التي تطالب بعدم تدخل المخابرات في الجامعات الأردنية (هذا لفترة مؤقتة بهدف العلاج )، السماح لعناصر الأمن العام المسلحة بدخول الجامعات بالزي المدني للسيطرة على المشكلة بأسرع وقت ممكن ، ثم السماح لقوات الدرك بالدخول إلى الجامعات اذا استدعت الحاجة ولكن قبل فوات الأوان ، هذا كله لفترة مؤقتة بهدف مراقبة الأحداث عن قرب والتقليل من أثر هذه المشاكل عندما تحدث ، وأقول عندما تحدث لأنها ستحدث ، فالزلزال عادة ما يتبعه هزات ارتدادية ، وهذا ما سيحصل في الجامعات يوما بعد يوم إذا ما تركنا الحبل على الغارب للعابثين بأمن جامعاتنا ومجتمعنا .
سيبقى السؤال مفتوحا للقارئ الكريم ، من هو مخرج مسرحية المشاكل الجامعية في الأردن ؟؟؟