عيد العمال وبأي حال عدت يا عيد
إحتفلنا وما زلنا في كل عام بعيد العمال وتكثر المقالات والتهليلات والترحيبات والإحتفالات به ولكن أخر ما يـُحتفل به العمال أنفسهم فها هو حالنا يتغول المستثمرون والشركات الأجنبية الكبرى على المستثمرين والشركات الوطنية والمحلية كما يتغول كليهما (ولا أعمم) على العمال والموظفين بتشويه في الهياكل التنظيمية والرواتب وعدم عدالة في توزيع الدخل والمناصب بل ويسود الواسطة والمحسوبية والمحاباه بشكل عام حتى في اللوائح والأنظمة، وأخر ما يهتم به هو الموظفين البسطاء والعمال الذين يشكلون الخطوط الأمامية ومحركي عجلة الإنتاج ولا يحصلون إلا على جزء يسير من عوائد الإنتاج التي يجني جلها أعضاء مجلس الإدارات والمدراء والمستشارون والخبراء علاوة على المخصصات والتسهيلات والسفرات ورغد العيش والذي لا يعود بالكثير على زيادة الإنتاجية والربحية لتلك الشركات فيبقى بذلك العمال هم الحلقة الأضعف والذين جل اهتمامهم توفير حياة كريمة تكفيهم السؤال والكفاف وهو حقهم وليس منة من أحد عليهم.
نريد أن نحتفل بعيد العمال عندما يصبح لدينا قانون عمل متحضر يقف في خندق العمال والبسطاء كما ويحفظ حقوق المستثمرين دون تغول طرف على الآخر على قول المثل "القافلة تسير بضعيفها" فلا بد من مساعدة الحلقة الأضعف بشكل متوازن وعادل، كما نريد أن نحتفل بعيد العمال عندما يصبح لدينا نقابات مهنية فاعلة تدافع عن حقوق العمال وتتبنى قضاياهم بل وتسعى لتطويرهم مهنياً وقانونياً فيما يخصهم سعياً لتحقيق الحياة الكريمة لهم وأن تسعى لتلبية إحتياجات منتسبيها التي يتطلعون لها من خلال نقاباتهم فجل النقابات لدينا لا تستثمر أموال منتسبيها بشكل معقول مرضي ولا تقوم بمشاريع تخدم منتسبيها بالإسكانات وتطوير أنظمة التأمينات الصحية والتعليم لأبنائهم وتوفير نوادي مناسبة لهم ولذويهم بل ويتغول ويتقاسم بعض النقابيين (ولا أعمم بالطبع) لتوزيع المكاسب فيما بينهم من خلال علاقاتهم بمحاصرة من يراجعهم لتوفير خدمات لهم من المستثمرين أو غيرهم بل وتعاني غالبية نقاباتنا من ترهل إداري وهدر مالي وسؤ خدمات، كما نريد أن نحتفل بعيد العمال حينما تنخفض معدلات البطالة عن 13% وينخفض معدل "جني" - الخاص بتوزيع الدخل على المواطنين- عن 39 % وهي نسبة تقارب الدول الرجعية التي لا يوجد فيها أي تنمية، ونريد أن نحتفل بعيد العمال عندما يتحسن مستوى الدخل لدينــا عن 400 دولار شهريا للفرد وعندما ينخفض معدل التخضم عن 4%، وعندما يفرض على المستثمرين والشركات الدولية الكبرى نسبة معقولة لتعيين عمال وموظفين أردنيين على جميع المستويات الإدارية وبرواتب تتناسب مع رواتب مواطني جنسية الشركة الأم ونريد أن نحتفل بعيد العمال عندما تتحمل الشركات مسؤوليتها الاجتماعية تجاه أبناء المجتمعات المحلية ومشاركتها في حل المشاكل التي يواجهها المجتمع، ففي ظل هذه الظروف أنى لنا أن نحتفل بعيد العمال وهم يعانون الأمرين.