الزيارة الملكية والرسائل التي يمكن قراءتها
جدول الاعمال الملكي والاهتمام الظاهر من قبل الادارة الامريكية لهذه الزيارة وكيفية تفاعل الاخيرة معها , وذلك من خلال الاجتماعات في الكنغرس الامريكي و مع المنظمات الحقوقية والمناقشات المطولة حول قضية السلام والبحث عن الحل السياسي في سوريا , والردود الايجابية لشارع الامريكي ولاصحاب القرار في الادارة الامريكية لاطروحات الملك والاعتراف بأن الملك الاردني الهاشمي له مكانة وصوت يُسمع عند الادارة الامريكية والاعتراف الواضح أيضا والتاكيد على أن الاردن كبلد له دوره المهم في تنسيق أي معادلات سلمية سياسية في منطقة الشرق الاوسط , فمن ذلك كله يفهم المتابع لما سبق بأن هذا الوطن وهذه القيادة ليست بتلك التي تضعف لمجرد أن اعتصاما يريد ذلك أو أن الامر يكمن في أن القيادة لا تسمع لصوت شعبها , بل على العكس تماما وبالذات بعد الزيارة الملكية الاخيرة للولايات المتحدة الامريكية فقد أثبتت القيادة الاردنية بأنها على دراية كاملة بما يحدث وبما يجب أن يطبق ولها اجندات داخلية وخارجية ثابتة وواضحة ,وقراءات جلالته لسبل حل القضية الفلسطينية وثيات موقفه السياسي منها وفي التفكير الملكي الثابت ايضا نحو قضية سوريا واستقرار الرؤى الملكية نحوها يقودنا الى أن القائد يقرأ ما بين السطور ويفكر بما عليه فعله بشكل مكثف ومًدار ومُخطط له بطريقة تكفل للاردن السير لبر الامان .
فحضور جلالة الملك لغداء العمل الذي أقامته السفارة الاردنية في واشنطن لمجلس الاعمال الامريكي الاردني ولمس الاهتمام الامريكي لهذا الحفل ,يثبت أن الاردن ما زال يمتلك الكثير من الاوراق الرابحة في مجال الاستثمار المجدي والداعم لاقتصاد الاردن في المرحلة القادمة ,وبناءا على اللقاءات التي لحقت الغداء والتي أكدت جميعها على أهمية الاردن ومدى احتمالية الاستثمار والدعم الاقتصادي للمملكة من قبل الولايات المتحده الاميريكية ,وفي سياق اللقاءات مع لجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ وتأكيده على ضرورة الارتكاز في حل القضية السورية سياسيا والتركيز على حل الدولتين وهنا ما زالت الاجندات الاردنية تؤكد على أنها أجندات لا تبحث عن أطماع أو اهداف سلبية في المنطقة ونسف لاي اتهامات سورية بما يتعلق بالمؤامرة أو البحث عن الحل العسكري فيها , ونستطيع القول بأن الزيارة في مجملها تأكيد ظاهر على نية الاردن في البحث السياسي السلمي للقضية السورية ومحاولة فتح باب المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية من جديد .
وما يمكن أن يشعر به أي أردني متابع وقارئ للوضع الاردني الداخلي ولعلاقته الخارجية يفهم بأن جلالة الملك ومع هذه الزيارة الاخيرة لواشنطن كان يريد تنسيق وترتيب الاوراق الاقتصادية منها والسياسية أيضا ووضع النفاط على بعض الاحرف التي سكنت من دون معني لفترة من الزمن وبعث رسائل للداخل وللخارج وللمحيطين بأن القيادية تدير الملفات الداخلية بطريقة الاقناع المجزأ والتركيب المنسق لشؤون الحكومة والبرلمان وفرض صوت الدستور والقانون وظهر ذلك من خلال خطابات مجلس النواب الموجهة للحكومه وابتعاد القصر عن أي تأثير أو احراج قد يوضع به النواب ومناقشات الثقة وحتى حالة اعطاء الثقة للحكومة والاجواء التي سادت من معارضة وتأيد تبعث برسائل على أن الوطن بدأ يتعافى من فيروس المخاجلة السياسية وأن "صالونات عمان " عليها تغير الديكورات والبحث عن ما يفيد الوطن ويلزم الاطراف بالبدء بعملية الاصلاح بشكل جدي ,وبالنسبة لرسائل الخارج وحمل الشكاوي الاقتصادية والعبء الكبير على الموازنة مرفقا بمشكلة اللاجئين والبحث عن حل سياسي للقضية السورية يظهر أن هناك رسالة قوية سياسيا واقتصاديا لاقناع اللجنه الاقتصادية في الكنغرس الامريكي لتفكير بشكل يثمر الى اقتناع كامل بأن الاردن له أسبابه الخاصه لبطئ عملية النهوض الاقتصادي وفيها أيضا رسالة أخرى لخليج العرب بأن الامور يجب أن تُقاس بشكل أكثر تفتحا لملف المساعدة الاقتصادية وان عليها أن تتحمل مسؤولياتها بشكل واضح وأن تكون كما كانت دائما داعمة للاقتصاد الاردني ودافعة للاستثمارات الخليجية في السوق الاردني واظهار رسالة للمحيطين ولاسرائيل بان الاردن يجب أن يبقى قويا لان في ذلك هدوء لكل الاطراف وبقاؤها دولة قوية سيأتي بالخير والاستقرار على الجميع .