هيّا بنا "ننهل"

من أخبار اليومين الماضيين أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عصابة متخصصة في سرقة أغطية "مناهل" الصرف الصحي والمياه. هذه الأغطية هي عبارة عن قطع معدنية ثقيلة الوزن، ويحتاج نزعها من مكانها الى بعض الأدوات، ويقوم سارقوها ببيعها كخردة حديد.
هذا التخصص ليس جديداً، ولا يقتصر تواجده على منطقة واحدة، وهو ينتمي الى تخصص أوسع يشمل سرقة كوابل الهاتف والكهرباء والمواسير في الطرق الخارجية وغير ذلك، بمعنى أنه تخصص دقيق في سرقة مواد (غير نقدية) مملوكة من القطاع العام.
من المرجح أن مشاعر سارق القطاع العام من هذا الصنف تختلف عن مشاعر زميله سارق أموال وأشياء القطاع الخاص، ولكنها أيضاً تختلف عن مشاعر سارق القطاع العام التقليدي الذي تصنف أفعاله في سياق عمليات الفساد التقليدية، وهذا ما يفسر أن قضية سارقي أغطية المناهل المشار اليها، لم تجد طريقها الى هيئة مكافحة الفساد ولا الى أمن الدولة بل الى الادعاء العام المدني، وفي الخبر المنشور جاء أن وزير المياه الجديد عمل منذ لحظة تسلمه منصبه الى تشكيل فريق بهدف ملاحقة هذه الظاهرة، وهو سلوك لا يتكرر في حالات البحث عن قضايا سرقة المال العام الكلاسيكية.
من الواضح أننا أمام مرحلة جديدة تشهد تنوعاً في أشكال الاعتداء على القطاع العام، وتتميز هذه المرحلة بقدر أكبر من عدالة توزيع الاعتداء. إذ لم تعد سرقة القطاع العام مقتصرة على "عِلْية القوم"، بل أصبح بمقدور المجدّين من السارقين "الأقل حظاً" أن يحصلوا على نصيبهم. ( العرب اليوم )