اعتذار لا بد منه!!

تم نشره الإثنين 06 أيّار / مايو 2013 01:41 صباحاً
اعتذار لا بد منه!!
خيري منصور

لا انطق باسم احد، ولكني كمثقف يتعامل بشكل جدي وعضوي وتراجيدي مع هذه الصفة التي تحولت من مهنة الى قدر.

اعترف بانني كلما شرعت في الكتابة هذه الايام يملأني شعور بالخجل، وهو يأتي مصحوبا بالعرق واحيانا بالدمع الصامت، وذلك بسبب المسافة او الهوة الهائلة بين ما نمارسه من خلال حياتنا اليومية وتفاصيلها قليلة الشأن وبين ما نفكر به فعليا، ويتصور القارئ العزيز ان كاتبا يثق به ولو الى حد ما يضطر قبل الكتابة بساعة او ساعتين الى الدفاع عن ثقافته، بل الاعتذار عنها، فاكثر الناس منشغلون في صغائر لا ترقى الى حجر واحد مما يهدم الان سواء كان لاثر تاريخي او لبيت يستهدفه المستوطنون او لشاهدة قبر مسح المطر والغبار معا اسم الشهيد المنقوش عليها.

كم هو مخجل ما نشتبك حوله في جلسات عقيمة تسودها الثرثرة، وتبدو اشبه بمسرح اللامعقول، او بمسرحية سارتر الشهيرة بعنوان الحلقة المفرغة، بينما يعج الفضاء حولنا بانباء عن قتل الالاف منا يوميا، فمن قتلناهم من ابناء جلدتنا ومن قضوا في حوادث السير وحدها كان عددهم يكفي لجيش عرمرم يزيح الجبال من مواقعها.

لهذا اصبح الفرد منا مهددا بالشينروفرنيا التي تشطره الى واحد يثرثر ويضحك بلا معنى واخر يبكي ويكتب بشريانه وليس بالقلم، وما اصبحت متأكدا منه عبر كل الحوارات والثرثرات هو ان الصبي المتنازع عليه لا ام له بين كل هذه النساء، لانهن جميعا وافقن على تقسيم جسده الصغير بالسكين كي تظفر كل واحدة منهن باصبع او سرة او عين!

لكأن ما يجري تحت اقدامنا وفوق رؤوسنا وحولنا من الجهات الست لا الاربع فقط لا يعنينا، فمن أين يأتي البعض بهذه القدرة الخارقة على اللامبالاة بحيث يتحول الى عجل في طابور امام المسلخ لكنه يبرطع ويشتبك مع سواه ويخور وينزو غير مدرك بان السكين المشحوذة على عظم امه باتت قاب كيسي شعير او ادنى من الذبح والسلخ!

قبل نصف قرن كان العربي ينفعل لا بما يحدث في قرية السموع او طولكرم فقط، بل بما يحدث في القرن الافريقي وخليج الخنازير والكونغو، لكنه الان وبعد متوالية التدجين والعلف الثقافي المنزوع الدسم اصبح شبيها بالضفدع الاسترالي الشهير الذي لا يشعر بالالم حتى لو قطعه السكين الا عندما يقترب من اذنيه، لهذا يطبخ حيا ولا يشعر من يطبخونه بالاثم لانه عديم الاحساس.

هكذا تحققت نبوءة جحا، الذي قرر ألا يحرك ساكنا اذا حدث زلزال بعيدا عن بيته، او اذا سقط بيته بعيدا عن الغرفة التي ينام فيها.

لكن جحا دفع الثمن مضاعفا وسخر منه حتى حماره لكن بعد فوات الاوان!

لتكن لحظة اعتذار للذات عما تتورط به من ثرثرة عمياء في وقت اصبح فيه الصمت من ماس وليس من ذهب فقط! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات