" بلع قرشاً فتأزم الوضع , وغيره بلع ملايين ولم يتأثر "
المدينة نيوز - في احدى الروضات , أطفال لا تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات , تجمعهم البراءة والعفوية , لا يعرفون الحقد والكراهية , قلوبهم صافية , عقولهم صفحة بيضاء , ينظرون لمعلمتهم بكل حب مع بسمة لطيفة من شفاههم الناعمة وهم ينادونها ماما , طريقة تعامل وأسلوب تدريس ووسائل تعليمية من معلمة مربية تستحق الاحترام والتقدير للرعاية والاهتمام التي تكاد تتعدى الرعاية الاسرية , خوفها عليهم واهتمامها بهم جعلها تراقبهم حتى أن عينيها لا تفارقان الطلبة أثناء قدومهم ومكوثهم ومغادرتهم للروضة , جعلهم ينتظرون اليوم تلو اليوم للاستيقاظ مبكراً من أجل الذهاب لمكان لعبهم وتعليمهم ومجالسة أمهم الثانية , صغار يتنافسون فيما بينهم من يكتب أو يقرأ الدرس لتناديه المعلمة أولاً .
وذات يوم دق جرس الاستراحة ليضع الطلبة أيديهم في جيوبهم لإخراج مصروفهم من أجل الشراء , ومن بين الطلبة طفل اخرج نقوده من جيبه ليخرج معه في البداية خمسة قروش فقط , وبدلاً أن يضعه ( الشلن ) بيده الأخرى حتى يخرج النقود المتبقية وضعه في فمه ليرجع رأسه للخلف ويده في جيبه لإخراج باقي النقود , فإذا به (الشلن) يضل طريقه ليذهب لدكان جوفه باحثاً عن إبداله بسلعةٍ أو ربما ليدخره داخل بطنه , لتنتابه بعد ذلك حالة من السعال فتنتبه المعلمة لحركة الطفل المثيرة للاهتمام لتسأله ما بك يا بني , أجابها بلعت شلناً , ليبدأ الخوف والاضطراب لدى المعلمة لتذهب مسرعة للإدارة وتخبرهم بما حدث , لترفع المديرة هاتفها طالبةً الدفاع المدني الذي قدم مسرعاً لإسعافه للمركز الصحي مع مرافقة المديرة والمعلمة , وعند وصولهم وبعد الفحص من قبل الطبيب والتصوير تبين أن (الشلن) بوضع لا يخيف وانه ولا بد له من التحويل للمستشفى للمراقبة ومنع المضاعفات , وقبل التحويل تم الاتصال بوالده وطمأنه الطبيب أن صحة ولده بخير , وعند وصول الوالد شكر الطبيب والدفاع المدني والمديرة والمعلمة على الاهتمام والرعاية لابنه , ليقوم بنقله بسيارته لقسم الطواريْ في المستشفى الحكومي , حيث قام الأطباء بالإجراءات الازمة وإعطاء نتيجة الفحص أن حالته جيدة وأن (الشلن) بطريقه للخروج دون اجراء عملية اخراج له مع توصيات بزيادة شرب الماء والعصائر
والأكل لتسهل عملية الخروج مع تصوير مستمر لمعرفة المكان الذي يتوقف عنده أو الطريق التي يسلكها .
بلع (شلن) أربك الروضة والدفاع المدني والمركز الصحي والأسرة وطوارئ المستشفى , وهنالك من بلع الملايين في هذا الوطن ولم يتأثر رغم اضطراب الشارع ولهيبه إلا أن أرصدتهم تزداد حتى أن دخولهم وخروجهم مسهل لهم , ملايين سرقت وثروات الوطن بيعت وحقوق سلبت بواسطةٍ أو محسوبية ٍ أخذت حق غيرها , وبعد العجز عن المحاسبة تم الاستقواء على جيب المواطن من أجل تعويض النقص في الموازنة , ليجعل أبناء الوطن من الطبقة العفيفة ينتظرون أو يصطفون على الدور للحصول على تعويض زهيد تحت مسمى بدل رفع المحروقات , أو يتركون بلدهم للبحث عن مستوى معيشةٍ مناسبٍ لكرامة الانسان , لماذا لم تُحدث حالة طوارىْ أو تأزيم كما حدث في بلع (شلن) ؟ وهل لقضائنا الذي استطاع ان يثبت عدم النزاهة في الانتخاب أن يحاسب رموز الفساد ومن ساندهم بسرعة دون خوف أو تردد أو تراجع في القرار , وفتح ملفات الفساد التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن فتحها , وهل يمكنه إعادة أموال الشعب المسروقة بدلاً من الاستجداء ومد اليد لدول تذل من تمنحها , يا رب ان الفاسد و المساند له أقوى من المواطن فسلط عليهم قوة عدل القضاء ليقتص منهم اراحةً للوطن والمواطن .
ياسر الزيديين