عروس عروبتنا

سيمر وقت ليس قليلا قبل ان تعود القدس اسلامية عربية، وشرف إعادتها لن يكون من نصيب الاجيال الحالية؛ إذ إن ما فيهم من عجز وضعف وهوان ليس مسبوقا على مر التاريخ، حتى إن امة العرب قبل الاسلام كانت بحال افضل مع الامم الاخرى، وذات وزن ارتقى بعد ذلك الى امبراطوريات عظيمة. وقد استمرت الامة قوية طوال قرون الى ان انكفأت وتردت الى درك سفلي منذ ما يقارب الخمسة قرون، استمرت خلالها تابعة ومقودة، وهي ما تزال بانحدار حتى الان، ولم يخرج خلالها منها مخلص منذ صلاح الدين.
لو قلنا إن الشريف حسين كان فرصة أخفقتها فرنسا وانجلترا، وان جمال عبد الناصر كان الثانية وتم وأدها في مهدها، فإن غيرهما لا يسجل، ويتأكد الامر من مجرد مرور عابر على تاريخ دول ودويلات العرب، ومن تولوا زمامها فاتبعوها اكثر فأكثر للاجنبي، وزادوا بان رهنوها به، ولم يعد ممكنا الان العيش بدونه، وفوق ذلك انتظار مساعداته مالا وقمحا كفاف يومنا، ويفوقه لمن يتولونا لامر وطاعة لهم وله.
والامر حال ليس جديدا، فالقدس الرمز العربي والاسلامي والمقدسات المسيحية فيها انتقلت لليهود منذ نحو نصف قرن، رغم عدم اكتشاف مجرد حصوة او قشة من مقدس لهم فيها، وقد اشبعوها تنقيبا وتدميرا دون جدوى؛ لكشف اي حق لهم او تحريك لنا لنصرتها منهم. وهي مغتصبة طوال الوقت، وصرخة مظفر النواب لها عروس عروبتنا مدوية لم تفلح؛ إذ ما يزال زناة الارض في حجرتها، وما نزال نسترق السمع.
وبعد، فإن كان حافظا وصداما محل رهان للنصر في غفلة ورهان خاسر، بعد ان تكشف ما تكشف من هشاشة وادعاء، وعن القذافي حدث وزد وتخيل ولن توفيه رزالة وزندقة، ومن الجزائر وجارها امين القدس حسن الثاني والحبيب الذي تنازل عنها في الاربعين يوما الاولى لاغتصابها، ثم مرورا بالسادات الذي نصب نفسه بالمؤمن وما آمن ابدا من اجل القدس. وعرجا على الشرق وما ادرانا بالشرق ونفطه كازا لعصر تسول فيه الشهداء ويتنعم بالحرير قحب وقحاب، ولم يخرج بعد الصباح ولا كل الكلام مباح. ورغم ذلك، ستعود القدس وسنرجع يوما الى حيِّنا. ( السبيل )