فواتير لها رائحة!!

تم نشره الثلاثاء 14 أيّار / مايو 2013 02:50 صباحاً
فواتير لها رائحة!!
خيري منصور

هناك واقعة تروى عن صحفي عربي تقاضى مبلغا من المال من عاصمة عربية وبالتحديد من وزارة اعلامها وحين سئل عن كونه لم ينشر مديحا لنظام تلك العاصمة اجاب بان ما اخذه ليس مقابل المديح. بل هو مقابل صمته عن الهجاء، في تلك الايام كانت ثقافة الحرب الباردة تمارس نفوذها وكانت التسعيرة السياسية والاعلامية لا تزال معقولة، لكن ما ان حسم الامر وانتهى الى قطب واحد حتى فقد ساسة واعلاميون اسعارهم القديمة، لهذا منهم من صمت ومنهم من استمر في الخدمة بالمجان لان النفاق يسري في شرايينه، ولا يستطيع النوم اذا لم يقم بالدور تماما كالماسوشي الذي يصاب جلده بحكة لا تهدأ الا اذا جلد بالسوط.

فيما مضى كانت الفواتير الاعلامية تتخفى وراء مواقف سياسية لكنها الان عارية وسياحية. ولان الخجل غادر هذا العالم فلم تعد حتى الدعارة بحاجة الى اقنعة، سواء تعلقت بالجسد او العقل والمواقف على اختلاف مجالاتها اخلاقيا وسياسيا.

كم تدفع؟ هذا هو السؤال المباشر الذي لا يتردد في طرحه المعروضون للايجار ولا بأس ان يكونوا مع الله صباحا ومع القيصر عند الظهيرة، ومع الشيطان اذا حلّ الظلام.

فيما مضى كانت هذه التجارة ارقى وبها قدر من الذكاء، بحيث لا تحرق الاوراق كلها من اول جولة، وكانت هناك دول ووزارات ومؤسسات تطلب من الزبائن أن يضعوا ولو قليلا من المساحيق على ما يكتبون كي لا يكون المشهد عاريا ومفضوحا، لكن ما يحدث الان هو ان المستأجر لم يعد يطيق المجازر او الاداء المراوغ وحمال الاوجه فلكي تستحق الاجرة عليك ألا تدع اي مجال للتأويل او الشك في انك الخادم الامين، الذي لا يدخر اي احتياطي يدافع به عن نفسه لحظة المساءلة.

ولهذه التجارة بورصتها ايضا، لكن سهمها تدنى الى حدّ يثير الغثيان فالاجرة احيانا لا تزيد عن وجبة طعام او ربطة عنق، لان فائض الزبائن المعروضين للايجار لا يقابله فائض في الطلب، فالخائن لم يعد بحاجة الى تسمية خيانته اجتهادا او وجهة نظر، تماما كما ان البغي لم تعد بحاجة الى الكذب والادعاء بانها موظفة او ربة بيت.

كل شيء الان مباح ومتاح لمن يشاء وهذه هي الشفافية الوحيدة التي انجزها العرب، انها شفافية لا علاقة لها بالسياسة ونظم الحكم بل بالبغاء على اختلاف صوره وتجلياته.

واذا كان العالم قد انتظر عقودا قبل ان تصدر كتب تفتضح البورصة الاعلامية والثقافية للحرب البادرة، فنحن على موعد محتم مع كتب سوف تصدر لافتضاح البورصة الاعلامية العربية هذه الايام.

فالفواتير اما ان تدفع مباشرة او تؤجل لتضاف اليها نسبة من الربا السياسي، لكن استمرار هذه الحفلة التنكرية الى ما لا نهاية امر مستحيل وليس من طبيعة التاريخ حتى لو كان من صناعة الاعلام.

ومن يبدأ بسؤال كم تدفع قد ينتهي الى التطوع بالمجان بعد ان يصاب بحالة من ادمان اللعق..! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات