الدولة والإعلام.. من يحمي الآخر؟

ننتظر بلهفة كبيرة، لقاء جلالة الملك مع رئيس الوزراء لبحث قضية الإعلام، حسبما تسرب من لقاء رأس الدولة مع مجلس النواب.
فالإعلام، ركن اساس من اركان الدولة، كما انه ركن اساس من متطلبات الدخول في العالم الحديث، وهو احد الروافع التي تمنح الدولة شهادات حسن سلوك من الدول الغربية والمنظمات العالمية المعنية بالحريات العامة والحريات الصحافية وحقوق الانسان.
لنتحدث بصراحة ومن دون مجاملة، وبلا غضب من احد، وبتواضع شديد، اقول إن حالة الإعلام في الاردن بائسة، واوضاع المؤسسات الاعلامية، خاصة الصحافة اليومية الورقية، كارثية، وقد لا تصمد كثيرا، في السنوات المقبلة، ليس فقط بسبب التطور التكنولوجي والثورة في مجال الاتصالات، والتقدم الهائل في الإعلام الحديث والالكتروني، بل بسبب عوامل كثيرة، يعرفها الإعلاميون والصحافيون، كما يعرفها اكثر المستثمرون في الإعلام المستقل.
كلفة انتاج الإعلام الورقي اصبحت عالية جدا، يرافق ذلك تراجع في ايرادات الصحف من خلال الإعلان (الشريان الرئيسي في دعم الصحف) والاشتراكات والمبيعات.
سبب هذا التراجع واضح للعيان، فهناك ازمة اقتصادية طاحنة اثرت على جميع المؤسسات الاقتصادية، فخفضت اعلاناتها الى ما دون النصف، وحوّلت مخصصات الاعلانات الى ابواب اخرى.
لكن اكثر ما يضغط على المؤسسات الإعلامية في ظل زيادة مصاريفها، وكلف انتاجها، نظرة الدولة لها، وعدم التفكير باهمية غياب اصوات إعلامية عن الساحة المحلية، فالحكومات لم تقف يوما امام مسؤولياتها تجاه الصحف، لا بل تمت مضاعفة الضرائب على ورق الصحف بنسب خيالية، رغم ان اسعار الورق عالميا قفزت بارقام لا يمكن استيعابها، وتسببت بخسائر فادحة للصحف.
والانكى من ذلك، ان الصحف لا تزال تتعامل مع الإعلان الحكومي بالكلمة، وقد لا يتجاوز سعر صفحة كاملة للاعلان الحكومي الـ160 دينارا، رغم ان الاعلان التجاري يتجاوز عشرة اضعاف هذا السعر.
تعرف الحكومة والدولة ان الصحف في عملها، تساهم في ترويج اعمال وقرارات وتوجهات الدولة باجهزتها المختلفة، وقد يتجاوز هذا نسبة الـ90 % من عملها، ألا تحتاج بعد كل هذا الى دعم مالي حتى لا تزيد عثراتها، وتصل الى مرحلة الضغط على كوادرها وانهاء اعمالهم، كما تقوم بتقليص صفحاتها وابوابها، وكميات الطباعة اليومية.
في اجندة نقابة الصحفيين مشروع ورشة متخصصة حول الصحافة الورقية، وكيفية دعمها من اجل المحافظة على استمرار صدورها، وهذه مناسبة لكي يتم التواصل مع الحكومة من اجل المشاركة في هذه الورشة للخروج باتفاقية تدعم الصحافة وتحافظ على ديمومتها.
تلمس رأس الدولة لما تعانيه الصحافة الورقية، يؤشر إلى نظرة ثاقبة حول اهمية هذه الصحافة ودورها في حماية مشروع الاصلاح، الذي يحتاج الى روافع تساهم في تعزيزه، والصحافة من خلال دورها في حماية الحريات العامة، وايمانها بالتعددية واحترام الرأي الآخر، تعتبر الرافعة الرئيسة في مدماك الإصلاح. ( العرب اليوم )