التنمية بالاحتجاج الجماعي

يشعر الناس في كل محافظة أو لواء أو حتى مدينة منفردة في بعض الحالات، أن منطقتهم تعاني من إهمال وظلم خاصين مارستهما الحكومات ضدها في شتى مجالات التنمية، بعكس الحال في باقي المناطق التي لا تعاني الوضع نفسه.
لهذا يتحرك الناس تحت عناوين مثل: "آن الأوان كي يرفع الظلم عن منطقتنا أسوة بباقي المناطق"، وهناك من يؤكد أن الظلم الواقع "علينا" بالذات هو ظلم تاريخي مارسته الحكومات منذ عشرات السنين، ويتكرر هذا الموقف في مواقع مختلفة في الشمال والجنوب والوسط، إلى درجة تمكننا من الاستنتاج إلى أن صنفاً جديداً من "الشكوى التنموية المقارنة" صار يمارس على نطاق واسع.
وعند محاولة الناس في كل موقع تفسير هذا الظلم الخاص الواقع عليهم دون غيرهم، يتوصلوا إلى أن السبب يكمن في أن لدى الآخرين "رجالاً"، أو "زلم"، تحكي باسم المنطقة وتدافع عنها وترفع صوتها، في حين تفتقر "منطقتنا" لمثل هؤلاء "الزلم".
تنطوي الظاهرة على فهم جديد للتنمية بكونها شكلاً من أشكال التوسط لدى الحكومات لمصلحة المنطقة ككل، ويكون المطلوب هو القيام بتطوير "المحتوى التنموي للتوسط"، بحيث يتجاوز مصالح الأفراد وصولاً إلى مصالح المناطق.
"التنمية بالتوسط الجماعي"، مفهوم نشأ منذ زمن، ولكن الملاحظ أنه لم يعد كافياً للإحاطة بتعقيدات العملية التنموية، وهناك الكثير من الدلائل على أنه يتحول إلى "التنمية بالاحتجاج الجماعي"، وفي الأثناء يتم تجاوز مفهوم "الزلم" التقليدي. ( العرب اليوم )