حديدة عن الطنطل
الحديد معدن مهم جدا ولصلابته ومتانته فقد أستخدم على مر العصور في بناء الترسانة العسكرية للدول المتحاربة ،وصنعت منه دروع ،وسيوف ودخل في صناعة السفن والآلات الحربية التي ساعدت في تحقيق النصر في معارك مهمة عبر التاريخ الإنساني الحافل بالمصائب، وروي إن بعض المحاربين العظماء كانوا يضعون في أصابعهم خواتم مصنوعة من الحديد الصيني لأنه بحسب الروايات، يقوي قلب المحارب في مواجهة الأعداء .
قيل في وصف الحديد، وقدرته على رد الأذى مثل شهير ( حديدة عن الطنطل ) والطنطل هو الجن الذي يخترق الحجب، ويمر بالقلوب الضعيفة، وينتهك الحرمات، وكان الناس يضعون قطعا من الحديد لإخافته .فقد ورد في روايات أيضا، إنه يخاف من الحديد ،وهذا الوصف ربما يقال للرجل الذي لايمتلك قدرات كبيرة في فعل ماهو مثير للإعجاب ،أو لضعفه في حل المشاكل فيكون ( حديدة عن الطنطل ) ،وهو كالمثل القائل( خراع خضرة ) وخراع الخضرة هو عمود يثبت في أرض مزروعة بمحاصيل من نوع ما، وتوضع في أعلاه خرقة من قماش لإخافة الطيور والعصافير التي تهاجم الزروع والحقول في أول إنباتها فتلتقط الحب قبل أن ينبت ،وتدمر المزارع ،ولاتبقي منها شيئا.
أستخدمت الحديدة في إدارة الملف الأمني في العراق بعد العام 2003 ،وتم توريد آلاف من قطع الحديد تلك المسماة بجهاز كشف المتفجرات ،ووضعت منها قطع كثيرة لمعرفة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ،ولم يبلغنا السيد المورد البريطاني الذي حكمت عليه محكمة في بلاده بالسجن بسبب فساد الصفقة تلك إن حديداته لاتصلح أن تكون ( حديدة عن الطنطل) ولا( خراع خضرة) ،بل إن إختصاصها المعروف والذي ثبت بالتجربة هو .
أولا : كشف أنواع العطور في الجسم والثياب ،ويمكن للحديدة تلك معرفة إذا ماكان العطر فرنسيا أو إيطاليا .
ثانيا:الكشف عن حشوة الأسنان الموضوعة في الأسنان المتآكلة وكذلك الأسنان الصناعية.
ثالثا:الكشف عن المساحيق الخاصة بالتجميل والشامبوات والزاهي والقاصر، وتحديد ماإذا كانت السيارة مغسولة بالزاهي أم بالماء فقط.
ولاعلاقة للحديدة تلك بالسيارات المفخخة ،ولابالأحزمة الناسفة والعبوات ،وميزة هذه الحديدة هو الميلان يمنة ويسرة ،والتراقص في حضن الريح بطريقة تثير الإستياء ،وفي العادة تحدث عشرات التفجيرات، وعمليات الإرهاب المنظم في الوقت الذي تحتشد مئات وآلاف السيارات عند نقاط التفتيش بإنتظار المرور عند الحديدة التي يحملها شرطي مرهق ،أو جندي محبط، وربما أمر السائق بفتح صندوق السيارة ،والعجيب إن أغلب السيارات المفخخة لاتمر بالسيطرات ونقاط التفتيش، وإذا مرت فهي غير محسوسة لتلك الأجهزة وسرعان ماتنفجر في المواضع المقررة لها .وهي من العجائب والغرائب التي تعودناها في العراق حتى إنني أستغرب من وصفها بالغرائب والعجائب طالما إنها تتكرر كل يوم دون معالجات تذكر، أو حلول ناجعة تنهي المشكلة التي أصبحت تؤرق مضاجع السياسيين والقادة الأمنيين الذين يتحدثون عن إجراءات ومعالجات، لكنها لاتقع على المشكلة وتدرك حقيقتها ،ومايزال الإعلام يلوك بالكلمات والتحقيقات الإستقصائية والمقالات التي يكتبها الصحفيون والكتاب ...وبس.