التخلف المزدوج !!

تم نشره الإثنين 20 أيّار / مايو 2013 03:28 صباحاً
التخلف المزدوج !!
خيري منصور

عقدت ذات يوم في إحدى العواصم العربية ندوة بعنوان «وعي التخلف» واشار القائمون عليها الى ان هناك ثلاثة محظورات او خطوط حمر يجب عدم الاقتراب منها. الجنس والسياسة والدين. لهذا انتهت تلك الندوة الى تقديم نموذج لتخلف الوعي وان كان عنوانها هو وعي التخلف. لان التجنب الرسمي لكل المسكوت عنه في حياتنا انتهى بنا الى فلسفة النعامة وحرمنا من نعمة النقد الذاتي الذي بدونه تتحول الاخطاء الى خطايا وتستمر متوالية التجهيل حتى الاقاصي.

والمسافة الان بين ما يهمس به او يقال في الجلسات الخاصة وبين ما يكتب او يبث تفتضح ازدواجية قد تنتهي الى الجنون، لانه ما من مريض ينكر مرضه حتى امام الطبيب الا اذا كان قد قرر الانتحار ببطء او بالتقسيط! لكن الاوهام هي وقود خداع الذات واذكر ان الكاتب المصري د. جلال امين اصدر كتابا قبل احداث يناير بعدة اعوام عنوانه ما الذي حدث للمصريين؟ واقترحت عليه يومئذ ان نعقد مؤتمرا يتحدث فيه نخبة من الكتاب العرب عما حدث في بلدانهم وشعوبهم. وفي تلك الاونة اصدر الدكتور علاء الاسواني كتابا يتساءل فيه منذ العنوان لماذا لا يثور المصريون، ولو اعاد الاثنان نشر الكتابين لوجدا ان ما حدث من قبل ليس شيئا اذا قورن بما حدث فيما بعد.. اما السؤال عن عدم ثورة المصريين فالاجابة عليه هي ان من ثاروا افرطوا في ثورتهم حتى صدق عليهم المثل الشعبي القائل ان المسروق سبق الحرامي وبالتالي اضاعه.

ورغم كثرة الاستخدام في مختلف وسائل الاعلام والنشر العربية لمصطلح التخلف الا ان هذا المصطلح يبقى غامضا وملتبسا اذا لم يقولوا لنا من تخلف عن من؟

وهل للتخلف باروميتر لقياس منسوبه؟ ام ان هناك نموذجا للتقدم حتى لو كان افتراضيا يقاس في ضوئه التخلف؟

واحيانا تحدث المفارقة فيكون الكلام عن التخلف متخلفا، سواء بمنهجه او رؤاه او المقاربات التي يعالج بها هذا الوباء، فالتخلف شامل وبانورامي وله ايضا من صفات الموت.

فالطبيب الذي يكتب تقريرا عن ميت لا ينفق مئات الصفحات وهو يقول بان هذا الميت لم يعد يتكلم ولم يعد يسمع ولم يعد يضحك او يبكي او ان اصابعه لا تتحرك.. واعضاءه توقفت عن العمل لانه لو كتب تقريرا عن كل هذه التفاصيل لما انتهى بعد عشرة اعوام.

انه يكتفي بالابلاغ عن موت الدماغ وتوقف القلب، والتخلف موت سريري لكن بالمعنى غير العضوي، اي بالمعنى التاريخي والوجودي.

لان هناك مفاهيم تجاوزت التعريف المعجمي لها، كالانقراض مثلا، اذ لم يعد بالمعنى العضوي فقط، وهناك ثقافات ولغات وحتى هويات تنقرض فيما يبقى من ودعوها على قيد الحياة بمعناها الحيواني المحض، يأكلون ويشربون ويتكاثرون، لكنهم ليسوا في هذا العالم حتى لو كانوا من تعداده الديمغرافي.

ان وعي التخلف هو شرط الخطوة الاولى لمقاومة التخلف، وبعكس ذلك، يكون من يتعرض له قد ضاعف منه. ومن يكثرون من توصيف التخلف لا يدركون بان ما يقولونه هو عينات نموذجية من تخلف مغطى بمساحيق التجميل! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات