الباتريوت..حاجة أم رفاهية؟

الحاجة لنصب صواريخ باتريوت على حدودنا الشمالية لا تفرضها احتمالات خطر الصواريخ السورية، إذ إنّ المسافة بين المواقع الأردنية والسورية لا تحتاج أساسا إلى صواريخ كبيرة وبعيدة المدى ويكفيها ما هو تقليدي ممّا لا يحتاج لباتريوت. أمّا نصبها فعلاً فإنّه بالضرورة سيخدم ردعا لاعتراض صواريخ مثل «سكود» ومن بقدره قوةً ومدى, وهذه لن تكون موجّهة للأردن إلاّ إذا أطلقت علينا من إيران أو كانت موجّهة من عمق سوري أو إيراني نحو الكيان الإسرائيلي، فتكون آنذاك بفائدة ما، ولكنها لا تخصّنا مباشرة.
المخاطر المحتملة كانعكاسات من الأحداث في سوريا عديدة ومتنوعة وتتّسع دائرتها مع احتمالات صورة الحسم الذي سيتمّ في النهاية, فإن بقي النظام نفسه فهذا أمر, وإن حلّ محلّه غيره فإنّه أمر آخر, واحتمالات من غيره غير محددة المعالم بعد وفيما إذا سيكون وطنيا أو متطرفا. وعليه فإنّ الحسابات الأردنية ينبغي لها أن تأخذ بالاعتبار الأمن الوطني أولا، ثم عدم ربطه بأمن الكيان الإسرائيلي كي لا نقع ضحية ردود انتقامية، إن من إيران أو أيّة جهة سورية أو حتى منظمات إرهابية قد تنقل جهادها في غفلة إلى عقر دارنا.
وبمناسبة عقر دارنا, فإنّ استضافة مؤتمر أصدقاء سوريا في عمان وإعلان المعارضة السورية المشاركة به تحمل معها حسابات الطرف المتضرر, وقد تصل هذه إلى أفعال مادية على الأرض الأردنية, والمعتاد منه في حالات شبيهة عدم السكوت وإنّما الرد. فإذا كان ممكنا التفجير بالريحانية التركية فإنّ الريحانيات الأردنية ليست أكثر تحصينا، وإن في تركيا آلاف اللاجئين الذين منهم من هم بمهمات عمل أمني فإنّ لدينا أضعاف ما عند تركيا.
والحال على ما هو يتطلّب حسابات من مستوى متقدم إستراتيجيا لمنع أيّ مخاطر ماثلة أو مستقبلية وليس التتبع الروتيني الذي غالبا ما يتم تجاوزه. وهنا تبرز الحاجة لأخذ الجهة المناسبة سياسيا مبكرا، ولنا من تجربة العراق في الكويت درسا لما أعادوا لنا ربع مليون مواطن دفعة واحدة نعاني آثارها حتى اليوم. ( السبيل )