هل بدأت مصر تفقد دورها كوسيط سلام ؟

المدينة نيوز- اعتبرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في تقرير لها إن علاقة القاهرة بكل من إسرائيل وحماس مهدت لها الطريق لتلعب دوراً محورياً فى محاولات التوصل إلى حل عادل للصراع الإسرائيلى-الفلسطينى. ولكن على الرغم من ذلك، ترى الصحيفة أن حياد مصر ودوافعها وتأثيرها السياسى بات موضع اختبار من قبل الدول الأخرى التى بدأت تتشكك فى فعاليتها كصانعة سلام.
واستضافت القاهرة خلال العامين الماضيين محادثات المصالحة بين حركة فتح العلمانية وحماس الإسلامية، ومثلت جبهة موحدة للفلسطينيين فى المفاوضات مع إسرائيل، ويذكر أن الموعد النهائى لآخر جولة من المباحثات تم تمديده مرتين بعد فشل الفصائل الفلسطينية المختلفة فى التوصل إلى اتفاق فى أوائل شهر يوليو الماضى، على أن يكون فى 25 أغسطس المقبل.
وتشير الصحيفة إلى أن قناة الجزيرة الإخبارية أذاعت يوم الخميس الماضى أن تركيا طالبت مصر بالتنحى عن دورها كوسيط فى مباحثات السلام ولكن المسئولين المصريين، الذين يرون أن تاريخ مصر الطويل كقوة عظيمة فى الشرق الأوسط يجعل دورها كصانع سلام أمراً طبيعياً، ليس من المرجح أن يتخلوا عن هذا الدور طواعية.
وتلفت الصحيفة إلى أن كثيرين ينظرون إلى هذه "الوساطة" كأداة سياسية تستخدم لضمان تدفق مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية المستمر، ولدعم تأثير مصر الإقليمى الذى ضعف كثيراً فى الآونة الأخيرة.
يقول سامر شحاتة، أستاذ السياسة العربية فى جامعة جورجتاون بواشنطن، إن مصر، التى كانت يوماً ما قائدا إقليماً بلا منافس، شهد نفوذها "تدهوراً" ملحوظاً لا يمكن إغفاله، فـ"هناك منافسة ضارية حول من سيقود القوة الإقليمية" بين دول مثل مصر وتركيا وإيران التى تدعم حماس.
وتأمل القاهرة أن تصب علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية فى مصلحتها فى نهاية المطاف.
ومن جانبه يرى المحلل السياسى إيساندر العمرانى أن مصر احتلت دور صانع السلام الموالى للغرب منذ عام 1979 عندما أقرت على معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل.
ووفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، تتلقى مصر أكثر من 1.3 مليار دولار فى صورة معونة عسكرية كل عام من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب المساعدات الاقتصادية والتنموية الهامة.
ويضيف العمرانى أن حصول مصر على مساعدات أجنبية من الولايات المتحدة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدورها كصانع سلام فى المنطقة وكونها "حليفة لواشنطن فى المنطقة بصورة عامة".
وفى سياق متصل، يقول جوشوا ستاتشر، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة كنت بأوهايو، إن مصر أصبحت "دولة أمريكا المفضلة" بين الدول العربية بعد اتفاق كامب ديفيد، كما تتوسط لصالح الولايات المتحدة، وتبذل جهوداً هائلة فى التأثير على "اتجاه المباحثات".
ويرى سمير شحاتة أن مصر تعتبر واحدة من الدول القليلة التى تتفاوض مع إسرائيل وحماس، التى ترفض حق إسرائيل فى الوجود، كما يؤكد أنها "لا تملك خياراً آخر سوى عمل الكثير من المفاوضات مثلما تفعل" للتوصل إلى اتفاق بينهما.
ويشكل قطاع غزة، والذى تتحكم فيه حركة حماس، مشكلة أمن قومى بالنسبة لمصر، لذا "لا تريد الحكومة المصرية أن يظهر تأثير هذا الصراع على الأراضى المصرية، فهى لا تريد أن تشهد انفجار قنابل فى سيناء أو تتعرض لانتقاد الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب تهريب الأسلحة إلى غزة".
وتشير الصحيفة إلى أن المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكى يرى أن مكان مصر على طاولة المفاوضات هو مكانها الطبيعى، فمصر تعرف النهج المناسب "والمتوازن، والواقعى" لفض هذا الصراع.
ومع ذلك، يرى المحللون السياسيون أن هذا النهج متأثر للغاية بعلاقات القاهرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يجعل المفاوضات تميل ناحية تأييد فتح.