"بين الفقر والرواية"

تم نشره الجمعة 31st أيّار / مايو 2013 03:35 صباحاً
"بين الفقر والرواية"
جهاد الخازن

 أقدّم للقراء اليوم كتابين، واحداً في أصول الحكم والآخر رواية. وإذا كان الموضوعان مختلفين جداً فما يجمع بينهما هو أن المؤلف والمؤلفة نجمان لامعان، كلاًّ في ما اختار لنفسه من عمل.

الكتاب الأول هو «ومضات من فكر» للشيخ محمد بن راشد المكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة. والكتاب الثاني هو «غراميات شارع الأعشى» للأخت العزيزة بدرية البشر، زميلتنا في «الحياة».

الشيخ محمد يقدم ومضات وآراء من وحي الجلسة الحوارية في القمة الحكومية هذا العام، وهي قمّة شهدت اجتماع أكثر من ثلاثين دولة في الإمارات لمناقشة تحقيق التميّز والريادة في الخدمات الحكومية للمواطنين، كما يقول الشيخ خليفة بن زايد، رئيس دولة الإمارات، وهو يقدم الكتاب للقراء.

لا أستطيع سوى الاختيار، والشيخ محمد يحكي بعضاً من تجاربه مع والده الشيخ راشد وما تعلم منه في اقتناص الفرص والرشادة في الحكم. والكتاب يعود مرة بعد مرة بين السطور إلى الشيخ زايد، أول رئيس لدولة الإمارات، ويقول: «أهم ما تعلمناه من زايد وراشد هو كيف يكون القائد أباً للجميع».

لم أعرف الشيخ راشد، رحمه الله، ولكن عرفت الشيخ زايد وأجريت معه مقابلات، وتابعته في مؤتمرات، وأضعه بين أعظم الزعماء العرب في العصر الحديث. الشيخ محمد بن راشد يقول عنه: «البداية كانت مع زايد، والجود أصله وبدايته من زايد، والعطاء الحقيقي له اسم آخر يسمونه زايد». أنا موافق.

أحيي في الشيخ محمد نجاح جهوده لتمكين المرأة، فالإناث 70 في المئة من طلاب الجامعات، وحاكم دبي يقول إن النساء أكثر من 65 في المئة من العاملين في الحكومة، ويتقلّدن 30 في المئة من مناصبها، والمرأة تشكّل 85 في المئة من فريق العمل في مكتبه. وأنا لا أنسى يوم أخذني الشيخ محمد في سيارة صغيرة لنتجول في دبي، وحكى لي «نحن نركّز على الإنسان لا الحجر»، ورأيتُ الشابات في مشروع النخلة وكل إدارة زرناها.

الشيخ محمد يتحدث عن الفروسية والشعر والقيادة ويقول: «هي ثلاثية يتفاعل بعضها مع بعض لتجعلك فارساً أفضل وشاعراً أفضل وقائداً أفضل». أعتقد أنه يستطيع أن يقدّم شواهد من إنجازاته على صدق كلامه، هذا مع أنه يعتبر نفسه شاعراً لا كاتباً، كما قال لنا في حديث عن كتابه الجديد، فأختار في ختام هذا العرض قوله: «المستقبل يبدأ اليوم وليس غداً».

انتقل إلى الرواية «غراميات شارع الأعشى»، وأختنا بدرية البشر حائزة على دكتوراه في فلسفة الآداب، إلا أن الدكتوراه لا تصنع رواية جميلة، وإنما تصنعها موهبة يصقلها التعليم والمران.

الرواية على لسان عزيزة وهي من أسرة تضم أربع بنات وولدين، وأباً متسامحاً في عالم غريب جداً عن قارئ من عرب الشمال مثلي، عالم من الحجب والمحظورات والقيود لا تمنع وجود حياة صاخبة وراءها.

عزيزة تحب الأفلام المصرية، وتعمل مسرحاً كل يوم خميس لصديقاتها، وتستطيع تقليد فاتن حمامة وإسماعيل ياسين. هي ترى شارع الأعشى من كوّة في الجدار وترى فيه «صندوق الدنيا».

هناك وضحى البدوية وأطفالها الأربعة الجياع تُعطى سكناً وطعاماً، لتصبح في سنوات قليلة من أنجح سكان الحي. عواطف تحب سعد الذي ينتهي مع المتطرفين في احتلال المسجد الحرام في مكة، وعزيزة تحب عيسى الذي يحب كل النساء. وأم جزاع الأولى في سوق الحريم، تعرف ما يريد الرجال من النساء، أو فيهن، وما تريد النساء منهم. كانت قصص الغراميات على السطح ولكن الدنيا تتغير وتتقدم، وأقرأ: مساء الأربعاء يتسكع الشباب في شوارع المدينة، بينما تتسكع الفتيات بالهواتف المفتوحة... مساء الأربعاء تتنكّر الفتيات بأسماء مستعارة، ويجلن في شوارع المدينة الممنوعة على الفتيات عبر الحديث... لم يعد هناك سطح فصار هنا هاتف، بديلاً عن السطح وقضاء مجازاً.

قصة الغرام الأكثر إثارة في الرواية هي بين عزيزة والطبيب المصري أحمد فهي تعمى في عاصفة غبار والطبيب يرد إليها البصر، ولا تعود ترى غيره إلى درجة أنها تحضه على الهرب معاً إلى مصر، ولا جواز سفر عندها.

لن أقول هناك كيف تصل عزيزة إلى مصر، ولن أحكي كيف تهبط إلى أرض الواقع، حتى لا أُفسد على قارئ الرواية لذة الاكتشاف.

ما أقول إن «غراميات شارع الأعشى» بين أجمل ما قرأت في السنوات الأخيرة، وأن «ومضات من فكر» بين أهم ما قرأت، وكلّي ثقة أن القارئ الذي يطلب الكتابين لن يضيّع وقته في قراءتهما بل سيجد ما هو جديد ومفيد. ( الحياة اللندنية )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات