الاقتصاد الأردني نقطة تحول
هناك نقطة تحول في الاقتصاد الأردني لا يمكن أن تخطئها العين وقد حدثت في أواخر العام الماضي وما زال مفعولها مستمراً ، وهي نقطة تحول إيجابية بأوسع المعاني.
لا يستطيع أحد أن يجزم بأن الفضل في إحداث نقطة التحول هذه يعود لحكومة الدكتور عبد الله النسور بالذات أم أن التطابق بين مجيء هذه الحكومة ونقطة التحول كان مصادفة ، ومن يدري فقد يطالب رئيس حكومة سابق بحصته من الفضل على أساس أن الإيجابيات الاقتصادية التي برزت في عهد النسور تعود لأعمال وسياسات اتخذت في عهد سابق وأعطت أكلها فيما بعد.
مظاهر التحول الذي نتحدث عنه متعددة الجوانب ، فقد توقف الانخفاض المتوالي لاحتياطي البنك المركزي وتحول إلى ارتفاع متسارع بحيث تضاعف احتياطي العملات الأجنبية في فترة قصيرة.
من ناحية أخرى فقد انعكس اتجاه الدولرة ، وبينما كانت الودائع والتسهيلات المصرفية بالدولار في حالة ارتفاع قياسي ، تغير الوضع وعاد النمو الأسرع لصالح الودائع والتسهيلات بالدينار رافقه تراجع للودائع والتسهيلات بالدولار. انعكس ذلك على حصة الدينار في عرض النقد التي كانت في حالة انكماش وعادت الآن إلى حالة توسع ، مما يشير إلى ارتفاع منسوب الثقة العامة.
مؤشرات أخرى عديدة تغير اتجاهها السلبي إلى توجه إيجابي: حوالات المغتربين مثلاً التي كانت تتراجع عادت للارتفاع ، ومقبوضات السياحة التي كانت في انخفاض عادت للزيادة. أما الرقم القياسي لتكاليف المعيشة الذي كان يرتفع من شهر إلى آخر فقد استقر ولم يحدث أي ارتفاع خلال الشهور الأربعة الاولى من هذه السنة.
سواء كان الفضل لهذه الحكومة أو تلك ، وسواء كانت نقطة التحول عائدة لقرارات وسياسات حكومية أم نتيجة تلقائية لصمود الاقتصاد الأردني وقدرته على تجديد نفسه ، والتغلب على الصعوبات والعقبات ، فإن المهم أننا بإزاء واقع جديد يبشر بمستقبل أفضل ، يجب أن نحافظ عليه ونحميه لنصل به إلى الأهداف التي كانت إلى وقت قريب بعيدة المنال.
هذه الصورة الإيجابية ليست من باب التمنيات والرغبات ، بل تعتمد على قراءة موضوعية للواقع والمؤشرات والأرقام ، ومع ذلك لا نكاد نجد لها أثراً في إعلامنا الذي ما زالت تغلب عليه السوداوية والتشاؤم ، حتى إن البعض يظن أننا نتجه نحو الهاوية مع أنها أصبحت خلفنا.
لا نطالب بالتفاؤل المصطنع بل بقراءة الواقع بصدق وموضوعية ، علمأً بأن التفاؤل يحقق نفسه وكذلك التشاؤم. ( الرأي )
