القروي وعائلته
خاطب قروي زوجته وأولاده الثلاثة قائلا
"لدي من المال خمسة ألاف وخمسمئة دينار جنيتها بعرق جبيني ومن تعب عمري وأرغب بتوزيعهم على أفراد العائلة ما دمت حيا ً اُرزق لتكون حصة كل ٌ منا ألف دينار، أما الخمسمئة دينار المتبقية فسوف تكون من نصيب من يستثمر حصته على أحسن وجه"
شكره الجميع وإنصرفوا، كل ٌ يحمل حصته من المال، وعادوا إليه بعد فترة من الزمن وراح كل ٌ منهم يسرد على مسامعه ما فعله بحصته
قال الإبن الأكبر
"تضمنت أرضا ً زراعية وإشتريت بعض المعدات وعددا ً من الأبقار والأغنام والدجاج وإتفقت مع بعض أبناء القرية الفقراء على زراعة الأرض بشتى أنواع الخضار والفاكهة والزيتون مقابل نسبة من الأرباح"
"أحسنت يا ولدي" ... قال الأب ..."إن الترابط بين أفراد المجتمع واجب وطني"
قال الإبن الثاني
"أما أنا يا والدي العزيز فقد قمت بشراء حنطور مع جحش لتسويق ما سينتجه أخي الأكبر من الحليب والالبان واللحوم على قريتنا والقرى المجاورة وأعطيت المبلغ المتبقي لأخي الأكبر ليستثمره في المزرعة وسأقوم بمساعدته إلى حين أن تؤتي المزروعات ثمارها"
"أحسنت يا ولدي" ... قال الأب ..."إن التعاضد بين الأخوة هو سر القوة"
وقال الإبن الثالث
"أما أنا يا والدي العزيز فقد إشتريت خيمة كبيرة وبعض ألواح الخشب وصنعت منها مدرّجات وصناديق لتسويق ما سينتجه أخي الأكبر من خضار وفاكهة وزيتون على قريتنا والقرى المجاورة وأعطيت المبلغ المتبقي لأخي الأكبر ليستثمره في المزرعة وسأقوم بمساعدته إلى حين أن تؤتي المزروعات ثمارها"
"أحسنت يا صغيري" ... قال الأب ... "إن التماسك بين الاُخوة هو أساس النجاح"
وهنا تفاجأ الجميع حين قالت الاُم
"أما أنا يا أعزائي فقد إتفقت مع صاحب ورشة الخياطة التي أقفلها لكبر سنه وضعف صحته على إعادة فتح الورشة وترميمها وتحديثها لتعليم فتيات ونساء القرية مهنة الخياطة لنقوم فيما بعد بإنتاج بعض الملابس وتسويقها في المنطقة وبذلك نحد من الفقر والبطالة"
"أحسنت يا زوجتي العزيزة" ... قال الأب ... "فأنت كعهدي بك إمرأة صالحة وقديرة وتستحقين الخمسمئة دينار مكافأة لك لتشتري بها ما يحلو لك"
فردت الاُم معترضة
"لا ... لا ... يا زوجي العزيز ... فلدي والحمد لله ما يكفي ويزيد ... فأنتم كل شيء بالنسبة لي ولا أتمنى شيئا ً سواكم ... ما رأيكم لو قمنا بتوزيع هذا المبلغ على بعض العائلات الفقيرة بمناسبة الأعياد" ؟؟؟
"لا مانع لدي إطلاقا ً" ... أجابها الزوج ... "إنها فعلا ً فكرة جيدة ... ولك عند الله عز وجل شأنه أجرا ً عظيما ً"
وهنا سأل الجميع بصوت واحد
"وأنت يا والدنا ماذا فعلت بحصتك" ؟؟؟
"لقد تبرعت بنصف المبلغ لملجأ الأيتام في قريتنا وإحتفظت بالنصف الآخر إلى أن يحين الفرج"
فما كان من الجميع إلا أن صاحوا مهللين
"أحسنت يا والدنا ... جزاك الله خيرا ً وكثر من أمثالك الطيبين"
نستخلص من هذه القصة يا أصدقائي الأعزاء أن الترابط الاسري هو عماد المجتمع وأن مساعدة الفقراء والمحتاجين واجب إنساني على كل إنسان مقتدر وله عند الله جلت قدرته ثوابا ً حسنا
النهاية