تباطؤ الإصلاح الاقتصادي
يبدو للمراقب كأن النقطة المحورية في سياسة الإصلاح الاقتصادي، التي تدور حولها النقاشات، هي رفع سعر الكهرباء لتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية المملوكة للحكومة بنسبة 100%.
هذه الجزئية على أهميتها استغرقت وقتأً طويلاً في حالة مخاض، ودارت حولها حوارات ماراثونية، كما حدث اشتباك بين الحكومة ومجلس النواب، ولكن شيئاً ما لم يحدث على أرض الواقع.
ماذا عن الابعاد الأخرى للإصلاح الاقتصادي، وعلى سبيل المثال كيف سيتم تحفيز النمو الاقتصادي، وضبط التضخم، وتأكيد عدالة التوزيع، وتخفيض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وتخفيض عجز الموازنة، والحد من ارتفاع المديونية، وتنمية المحافظات، وزيادة الصادرات، وإزالة الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، وأخيراً وليس آخراً استرداد هيبة القانون والدولة، وحماية المستثمرين من التطاول الظالم.
القرار الذي تفكر فيه الحكومة لتمرير رفع أسعار الكهرباء لا يحقق هذه السنة سوى 51 مليون دينار، لا تسمن ولا تغني من عجز ومديونية، أي أن الجبل تمخص طويلاُ ويوشك أن يلد فأراً. وحتى ولادة هذا الفأر ما زالت عسيرة تنذر بولادة قيصرية.
هناك تحرك ما في وزارة الطاقة في مجالات الطاقة البديلة، وفي وزارة الصناعه والتجارة في مجالات تنظيم وحماية القطاع الخاص وفي وزارة المياه في مجال تطبيق القانون ووضع حد للتجاوزات، ولكنا نريد أن نشهد تحركاً أكبر في وزارة المالية ووزارة التخطيط. وإذا كانت بعض الوزارات ناشطة وتتحرك بفعالية ولكن بصمت فقد يكون من المفيد أن تخرج عن صمتها وتتحدث عن إنجازاتها ومشروعاتها لتكسب دعم الرأي العام وهو شرط للنجاح.
لم يعد حديث العموميات والانطباعات كافيأً أو مقبولاً، فلدينا اليوم برنامجا للتصحيح الاقتصادي له أجندة محددة وجدول زمني معين، فهل يسير قدمأً كما هو مقرر أم أن الحكومة تقضي جلّ وقتها في الاستماع لخطابات النواب المحترمين. مندوبو الصندوق في البلد يفحصون ويراجعون مدى تنفيذ الحكومة لتعهداتها، فهل سيخرجون بنتائج إيجابية أم سلبية. وهل يواصلون غض النظر وإعطاء سماح بعد آخر لتمرير المخالفات والتجاوزات.
نفهم أن لدى الصندوق تعليمات سياسية بالتعامل مع الأردن برفق، ولكن المفروض أننا أشد حرصاً من الصندوق ومن وراء الصندوق على استكمال عملية الإصلاح بأسرع ما يمكن. وإذا رضي الصندوق بالتباطؤ في العمل فإننا لا نرضى به.
نفهم أن هذه مزايدة على الصندوق وعلى الحكومة، ولكن المزايدة في مجال الإصلاحات أفضل من المناقصة التي يمارسها الصندوق والحكومة. ( الرأي )