الفكر "التطفيري"

للطّفر معنيان: الأول يشير الى أحد المستويات العليا للغضب، ومن ذلك قولنا: فلان طفّرني بمعنى أغضبني، ومنه أيضاً وصفنا لفعل أو لقول بأنه "يطفّر"، أي يُغضِب. أما النوع الثاني من الطفر وهو الأشهر، فيعني الفقر، ومنه قولنا: فلان يشكو الطّفر، أي الفقر، أو قولنا: فلان "طَفْران" بمعنى فقير، وقد يكون الطفر في هذه الحالات مؤقتاً أو دائماً.
في سياق مكافحة الفكر التكفيري، أقترح أن نكافح معه أو قبله ربما، الفكر "التطفيري"، فكلاهما يرتبطان بقوة، وبين الطّفر والكفر علاقة تمر من خلال الجوع، سواء كان نسبياً أو مطلقاً.
فالجوع كما نعلم كافر، وهو قبل أن يكون كافراً، فإنه مرتبط بالطفر بمعنى الفقر، كما أنه يسبب لصاحبه "الطفر" بمعنى الغضب، وكما ترون، فهي منظومة واحدة من المفاهيم.
إن المعركة مع الفكر "التطفيري" أكثر شمولاً من المعركة مع الفكر التكفيري، وإذا شئنا الدقة، فإن مقاومة الأول متضمنه في مقاومة الثاني، ولكن العكس ليس صحيحياً، فإذا اقتصرت المقاومة على ما هو تكفيري وأبقينا على ما هو تطفيري، فإن معركتنا على المدى البعيد خاسرة غالباً. يحصل هذا على الرغم من أن قادة التكفير ونشطاءه في أغلب الحالات لا يشكون الطفر بمعنييه المذكورين أعلاه، لكنهم يجدون فيه بيئة ملائمة لعملهم.
على مقاوموا التكفير أن يبحثوا عن منابع الطفر بصنفيه، ذلك أن تمكنهم من تجفيف منابع "التطفير" سوف يسهل أمامهم مهمة تجفيف منابع التكفير. ( العرب اليوم )