اعادة الهيبة للمعلم ومهنة التعليم مسؤولية الجميع
المدينة نيوزـ تعتبر مهنة التعليم من ارقى المهن في جميع المجتمعات, ولا شك ان العلم هو الركيزة الاساسية لانطلاق وتطور الامة في جميع مجالات الحياة ، فالمعلم كان وما زال يحظى باهمية في المجتمع لكن تبعا للظروف والمتغيرات في ثقافة المجتمع الجديدة تغيرت النظرة اليه نتيجة لقصور في تطبيق القوانين والانظمة والتعليمات داخل المدرسة .
مدير احدى المدارس الحكومية نافذ حماد يقول انه امضى في حقل التعليم ربع قرن من الزمان ووجد ان مهنة التعليم رسالة عظيمة يقوم بها انبل الناس مبينا ان من اسباب التغير في النظرة للمدرس , تراجع القوانين والانظمة الموجودة التي تحجم من دوره محملا وزارة التربية والتعليم المسؤولية في تراجع هيبة المعلم .
ويضيف ان "التعليم في المملكة يحظى بمكانة وسمعة عالية في المهنية والاحتراف لكن تنقصه القوانين والانظمة التي تحكم العلاقة بين الطالب والمعلم، واذا اعطي الصلاحيات من قبل الوزارة فان مكانته تعود الى ما كانت عليه , فالمعلم هو اب يحنو على طلبته حتى لو استخدم اسلوب العقاب غير المسيء لشخصية الطالب " .
ويشير الى ان المعلم بدوره يتحمل احيانا جانبا من المسؤولية في تراجع هيبته , لاسلوبه الذي يندمج بلا حدود في علاقات وصداقات مع الطلبة ما يجعلهم يستهينون به وبدوره مبينا ان الظروف المادية للمعلم جعلته يتجه الى ابواب رزق اخرى بعد الدوام مثلا ان يعمل سائق تكسي او في مطعم وبالتالي يراه الكثير من طلبته وهو ما يقلل من هيبة شخصيته امامهم في المدرسة.
ويؤكد حماد ان غياب التشريعات التي تحكم العملية التربوية ادت الى عنف طلبة المدارس والتجرؤ على المعلم .
ويرى ان هيبة المعلم في المدارس الخاصة اقل من هيبته بالمدارس الحكومية لان الطالب يدفع رسوما واقساطا وبالتالي فهو مدلل .
ويضيف : ايام زمان كانت علاقة الطالب بالمعلم تقوم على المحبة والاحترام المتبادل حيث ياتي الطالب للمدرسة لينهل من المعلم لانه المرجعية الوحيدة له، اما الان فالوضع تغير فتعددت مصادر المعرفة نتيجة للتطور في التكنولوجيا الحديثة بالاضافة الى الدروس الخصوصية، ما اثر سلبا على الطالب وعلى مسيرة الحصة وعطاء المعلم لطلبته .
ويقول انه اذا التقى باستاذه يقف له اجلالا واحتراما بينما الطلبة في الوقت الحاضر اذا شاهدوا أساتذتهم فانهم يدخنون السجائر هذا الفرق بين نظرة جيلين للمعلم ودوره .
ويرى المعلم ادريس القضاة ان هناك تراجعا في هيبة المعلم في المدارس عازيا ذلك الى عدة عوامل منها العامل الاقتصادي , فراتب المعلم لا يكفي لسد حاجته بالتالي يؤثر ذلك نفسيا عليه وعلى عطائه للطالب , بينما يلعب العامل الاجتماعي دورا كبيرا , فالمعلم كان يُقدم في جميع الامور حتى في تشكيل الوزارات وكان يحظى باحترام وتقدير , اما الان فالنظرة للمعلم اختلفت وهذا ما جعل المعلم ينكفىء على ذاته.
ويضيف: كان المعلم المصدر الوحيد للمعرفة , اما الان فتراجع دوره في مجتمعه نتيجة لدخول التكنولوجيا الحديثة بالاضافة الى الهامش الواسع من الحريات الذي كفلته الديمقراطية وتاثر الطلبة بوسائل الاعلام ما ادى الى تمادي وتجاوز الطلبة على المعلم .
ويبين ان المعلم كان يتعامل مع الطالب بقسوة من اجل مصلحة الطالب , وكانت نتيجة ذلك جيلا واعيا يمتلك المعارف والخبرات ويربي الاجيال، اما الان فتغير الوضع حيث ادت التشريعات والقوانين الى الاقلال من هيبة المعلم لتدلل الطالب.
ويقول المعلم رياض ست أبوها ان المعلم يتحمل بدوره جانبا من تراجع هيبته وذلك عائد الى اسلوبه في التعامل مع طلبته فهو المسؤول عن اثبات شخصيته امام طلبته فالطالب لا يتمادى مع المعلم صاحب الشخصية القوية .
ويضيف انه يتوجب على المجتمع تقدير دور المعلم خاصة ان حث الاهل لابنائهم على ابداء الاحترام والسلوكيات الحميدة يعيد للمعلم جزءا من هيبته اضافة الى تفعيل القوانين والانظمة التي تحكم العلاقة بين الطالب والمعلم .
ويشير المعلم محمود عبد الكريم الى ان المعلم بحاجة إلى تدريب وتأهيل ليتمكن من تعليم الطالب وفرض شخصيته عليه ، ويرى ان القوانين في الماضي كانت مع المعلم ، لكن الان انقلبت الموازين فاصبح الطالب يتمادى على المعلم دون اتخاد اي اجراء بحقه .
وتعزي المعلمة سناء الخطيب تراجع هيبة المعلم في المدارس لعدة اسباب منها التربية الخاطئة للابناء حيث يأخذ الطالب كل شيء يريده من والديه وياتي الى المدرسة ليمارس سلوكيات خاطئة ويفرض شخصيته على المعلم بدلا من ان يفرض المعلم شخصيته , فضلا عن التكنولوجيا الحديثة وتاثيرها على افكار الطالب وجعله غير مبال وغياب حملات التوعية التي تعرف الطلبة بكيفية التعامل مع معلميهم وايضا لا بد من معرفتهم للعقوبات التي تترتب على اساءتهم لاي معلم لكي لا يفكروا بالاساءة اليه .
وترى المعلمة تقوى العمري ان الجيل الحديث بحاجة الى الحوار لكن مع الحزم في التعامل مع الطلبة مشيرة إلى أن وسيلة الضرب ليست حضارية ولا تجدي مع هذا الجيل وتؤكد أهمية إشراك المعلم بدورات , خاصة حديث التخرج وايضا متابعة الادارة للمعلم وزيارته صفيا وتقييمه وتوجيهه من قبل المشرفين .
يقول الدكتور في علم النفس علاء صوالحة , ان هناك عدة اسباب ادت الى تراجع هيبة المعلم في المدارس منها عدم تفعيل القوانين والانظمة في المدارس وايضا نظرة بعض الاهالي للمدرس وعدم احترامهم لدوره ما نجم عن ذلك عدم احترام الطالب للمعلم وتماديه على حقوقه .
ويوضح ان القوانين لا بد من وجودها لتنظيم علاقة الطالب مع المعلم لكن للاسف اصبح من السهل ان يقف المعلم امام طالبه في المحكمة حتى لو كان يفتري على المعلم .
يقول الطالب خالد جرادات ان نفسية الطالب جعلته يتمادى على استاذه , اذ كان الطلبة يسكتون حال دخول المعلم الى الصف , مضيفا انه لا يوجد حاليا عقوبات رادعة للطالب المستهتر , ويرى ان شخصية المعلم لها دور في إيجاد مكانة وأهمية له داخل الصف.
ويقول الطالب راشد النعسان ان المعلمين يقدمون لنا افضل ما عندهم وفي الوقت ذاته يتعاطفون مع الطلبة , والمعلم لا يستطيع ضبط اربعين طالبا او اكثر داخل الصف.
يقول نقيب المعلمين النائب مصطفى الرواشدة ان تراجع هيبة المعلم ليست بالقضية الجديدة بل تراكمية منذ عقود ماضية نتيجة لعدم الاهتمام بواقع المعلم وعدم اعطائه الحقوق الاساسية وبالتالي ادى ذلك الى تراجع هيبة المعلم .
ويؤكد ان هناك مجموعة من التحديات والمشكلات التي ادت الى تراجع هيبة المعلم ومنها اختلال منظومة القيم الاخلاقية بالاضافة الى قصور التشريعات والقوانين الناظمة ما اسهم بدرجة كبيرة فى تراجع هيبة المعلم ومكانته .
ويبين "ان وزارة التربية والتعليم لم تسهم عبر عقود بالنظر والالتفات الى مكانة المعلم بل كانت في محطات كثيرة عاملا اسهم في تراجع هيبته ومكانته , وبالتالي فهي معنية في تراجع هيبة المعلم وعليها مسؤولية كبيرة ولو دافعت عن المعلم ووقفت بجانبه عبر العقود الماضية لما وصلنا الى هذا الواقع ما يلزم عليها الان النظر في التشريعات والقوانين وتعديلها بما يحقق استقرار العملية التربوية وحفظ مكانة المعلم وهيبته" .
ويضيف ان هيبة المعلم بدات تعود تدريجيا مع مولد النقابة , ويشير إلى أن المعلم صاحب رسالة وكرامته محفوظة وعلينا ان نفكر باجراءات عدة حتى نعطي هذه المهنة الاعتبار ومنها يجب ان يكون هناك تعيين في وزارة التربية والتعليم للمعلمين الذين يتمتعون بالكفاءة والمؤهلات وإجراء مقابلات عدة لهم ومن ثم اختيار المعلم ولا بد من وجود تشريعات تحمي المعلم وتقديم امتيازات من شانها أن تحفظ من مكانته داخل مجتمعه , بحيث يصبح ليس بحاجة للعمل الاضافي بعد الدوام .
وينفى المستشار الثقافي في وزارة التربية والتعليم ايمن بركات تراجع هيبة المعلم موضحا ان المعلم كان وما زال يحظى باهمية ومكانة مرموقة بين طلبته ومجتمعه مضيفا ان الوزارة تسعى الى رفع مكانته وتحسين ظروفه الاقتصادية , وعلى المجتمع ان يعي قيمة المعلم لانه مربي الاجيال ومعلمهم وينهض بمستواهم الثقافي والتعليمي في المجتمع .
ويبين ان نظرة المجتمع للمعلم تختلف من زمن الى اخر , لكن يبقى المعلم نمودجا وقدوة وبالتالي لا يمكن ان نجمع على تراجع هيبة المعلم .
ويرى ان جميع وسائل التوجيه الوطني تغيرت ادوارها بالمجتمع , ولم تعد المعلومة مقصورة على دور المدرسة والمسجد والاعلام , بل اصبحت بفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة متشعبة ويحصل عليها الطلبة بكل سهولة.
ويقول ان المعلم اصبح يتبع اساليب حديثة تتواءم مع التقدم العلمي والتكنولوجي ولم يعد الضرب طريقا علميا يتبعه المعلم لان التعلم يكون بالقدوة والكلمة الحسنة والحوار .
ويوضح ان هنالك العديد من التشريعات الناظمة التي من شانها تنظيم العلاقة بين المعلم والطالب وتحفظ من هيبته , ولا نسمح نحن بالاعتداء على المعلم او على هيبته , وهناك اجراءات قضائية تتخذ بحق من يعتدي على اي معلم .
ويضيف ان الوزارة ليس لها اي دور في انقاص هيبة المعلم بل هي تعطي التقدير والاحترام للمعلم وتنميه من خلال الدورات والتدريبات المستمرة في تخصصه واشراكه بالبعثات العلمية لاكمال دراسته العليا .
ويؤكد انه لا بد من التعاون بين فئات المجتمع باكمله لقيام المعلم برسالته النبيلة تجاه الاجيال الناشئة , وانه ليس مع النظرية التي تقول بان " زمان لما كنا نشوف المعلم في الحارة كنا نفل " بل نريد معلما يعلم بالقدوة وينتظره طلابه بفارغ الصبر في القاعة الصفية , معلما يؤثر تاثيرا بالغا في طلبته ليصنع منهم شخصيات معطاءة مبدعة تدافع عن الوطن وتقوم على خدمته .
ملاحظة : هذا الموضوع من إعداد الطالبة إسلام أبو زهري من جامعة اليرموك.
( بترا)