موظفو الضمان يطالبون باستراد استقلاليتهم
المدينة نيوز -: طالب موظفو الضمان الاجتماعي باسترداد استقلالية المؤسسة ، وتحصينها وتعزيز دورها الاجتماعي والاقتصادي، من خلال أنظمة خاصة تصدر بموجب قانون الضمان، وفكّ ارتباطها بنظام الخدمة المدنية الذي بدأ يعيق عملها بصورة ملحوظة.
ودعا الموظفون في مذكرة بعثوها الى رئيس مجلـس النـواب الى إعادة الحقوق المكتسبة لموظفي المؤسسة، وبخاصة الدرجات الوظيفية التي تم تخفيضها بعد ضم المؤسسة للخدمة المدنية، وهناك (700) موظف تراجعت درجاتهم مما أثّر على حقوقهم ومكتسباتهم، في حين أنهم حصلوا على الدرجات والمكتسبات في ظل تشريعات نافذة.
واكدوا على ضرورة الاستمرار بالعمل بنظام التأمين الصحي لموظفي المؤسسة، كحق مكتسب معمول به منذ إنشائها قبل 33 عاماً.
وتاليا نص المذكرة :
بسم الله الرحمن الرحيم
مـذكرةموجّهة إلى : معالي رئيس مجلـس النـواب
مـن: مـوظــفي المؤســسة العامـة للضمــان الاجتمـاعي
معالي المهندس سعد هايل السرور الأكرم
رئيس مجلس النواب
تحية طيبة، وبعد،،
في مستهل هذه الرسالة التي نتشرف بأن نضعها بين يديكم، فإننا نتمنى لشخصكم الكريم موفور الصحة والعافية، كما نتمنى لكم التوفيق والنجاح في قيادتكم لمجلس النواب بما يلبي طموحات الشعب الأردني ورفعة الوطن.
وقد أردنا ان نتوجّه لكم بهذا الخطاب للحديث عن إحدى أهم المؤسسات الوطنية التي بناها جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه، وعززها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، وهي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي أصرّت الحكومة على شمولها بنظام الخدمة المدنية، ما يعني أن المؤسسة فقدت جزءاً كبيراً من استقلاليتها الإدارية والمالية التي حظيت بها بموجب القانون منذ أن تم تأسيسها عام 1978، ومنذ ذلك العام وهي تقوم بأداء رسالتها في توفير الحماية الاجتماعية للأجيال من بناة الوطن من عمال ومستخدمين وموظفين، وتؤدي دوراً مهماً في خدمة الاقتصاد الوطني، ولم تكلّف الخزينة العامة فلساً واحداً، بل هي بموجب قانونها واستقلاليتها الإدارية والمالية تُموّل نفسها بنفسها، تشغيلاً وضماناً واستثماراً وحمايةً لعمال الأردن وإسهاماً مباشراً في تعزيز شبكة الأمان والحماية الاجتماعية في البلاد، وقد وصل حجم النظام التأميني الذي ترعاه مؤسستنا حالياً إلى مليون ومائتي ألف شخص ما بين مؤمن عليه ومتقاعد ووريث مستحق، والعدد في تنامِ مستمر، وتقوم حالياً بتنفيذ برامج وطنية ضخمة لتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل كل مواطن وعامل، وها هي المؤسسة تُوجّه خططها وبرامجها لمساعدة الدولة في معالجة قضايا الفقر والبطالة بصورة عملية، كما أن حجم استثماراتها يصل إلى ستة مليارات دينار، تحاول أن تستثمرها بحصافة في أهم مفاصل الاقتصاد الأردني وقطاعاته الحيوية..
إن هذا الدور الذي تقوم به المؤسسة بدأ يضعف تدريجياً بعد شمولها بنظام الهيكلة والخدمة المدنية لأن ذلك أدّى إلى الانتقاص من استقلاليتها المالية والإدارية، ولسنا ضد مشروع الهيكلة من حيث المبدأ، فالأهداف المعلنة لهذا المشروع نبيلة، فلا أحد ضد العدالة ولا أحد ضد تحسين معيشة الموظف العام، إذْ ثمّة ظلم كبير لحق بشريحة واسعة من موظفي القطاع العام لسنوات طويلة، بسبب ضعف رواتبهم، والعدالة تقتضي وضع برامج للإرتقاء بهذه الرواتب تدريجياً بحيث تضمن الحكومات، وهذا من واجبها، أنها قادرة على توفير الحياة الكريمة للموظف وأسرته، وهو ما يتفق مع توجيهات جلالة الملك الدائمة لحكوماته بضرورة العمل على تحسين معيشة المواطن..
إلى هنا والموضوع مقبول، كما أنه مقبول من ناحية تقليص الفجوة بين موظفي الدوائر والوزارات من جهة، وموظفي المؤسسات المستقلة من جهة أخرى، لكن لا بد أن نفرق بين مؤسسات كانت وليدة اجتهادات خاطئة تماماً، وبدأت الحكومات تعترف بذلك، فشرعت بلملمتها دمجاً وإلغاءً بعد أن استشرت في الدولة كالسرطان، واستنزفت من الخزينة العامة مليارات الدنانير، دون أن يتوازى ذلك مع الخدمة التي تُقدمها أو القيمة المضافة التي تؤديها للوطن، وبين مؤسسات عريقة أُنشئت لأغراض عظيمة وخدمات جُلّى، وحملت عن الدولة ولا تزال عبئاً كبيراً، كان من الصعب على الحكومات تحمّله، ومنها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أضحت مظلة لعمال الأردن في القطاعين العام والخاص، تحميهم وتحافظ على حقوقهم وتنشر الطمأنينة في نفوسهم، وتضمن لهم مستقبلاً آمناً عندما يفقدون القدرة على الكسب، أو يبلغون سن التقاعد.
إن هذه المؤسسة شأنها شأن مؤسسات وهيئات الضمان والتأمينات الاجتماعية في العالم لا تستطيع أن تعمل بكفاءة إلاّ في إطار الاستقلالية المالية والإدارية، وإن أي انتقاص من استقلاليتها، وهي استقلالية مسؤولة وضمن حدود الولاية العامة للحكومات، لأنها تُدار من خلال الشركاء الاجتماعيين الثلاثة: ممثلي العمال، وممثلي أصحاب العمل، وممثلي الحكومة، ولها أنظمتها ولوائحها الخاصة، وهي ليست مؤسسة حكومية بالمعنى الرسمي، وإنْ كانت ذات نفع عام، كما أن لها موازنتها المستقلة تماماً عن موازنة الحكومة، ولا تدخل أموالها في الخزينة العامة للدولة ولا يجوز أن تختلط بها.. لأنها أموال الناس والعمال، تُردّ إليهم على شكل رواتب تقاعدية ورواتب عجز ووفاة ونفقات تأمينية وعلاجات إصابات عمل وتعويضات وبدلات إجازة أمومة وتعطل وغيرها، كما أن قانونها "قانون الضمان الاجتماعي" نص على إعطاء الصلاحية لمجلس إدارتها الثلاثي التمثيل "من ضمنه ممثلو الحكومة" لوضع هيكلها التنظيمي ووصف الوظائف والمسؤوليات فيها، إضافة إلى اقتراح الأنظمة المالية والإدارية والفنية التي تحكم عملها وتنظم مهامها ووظائفها. وإن الانتقاص من استقلاليتها شوّه ما جرى عليه العرف والتشريع عربياً ودولياً في إدارة مثل هذه المؤسسات، ووبدأ يُضعف دورها في المجتمع..!!
لقد ارتبنا كثيراً وفوجئنا من الإصرار الحكومي على التدخل في شؤون هذه المؤسسة من خلال شمولها بمشروع هيكلة رواتب وعلاوات القطاع العام وإدخالها ضمن منظومة المؤسسات التابعة للخدمة المدنية، ما يشكّل اعتداءً صارخاً على قدسية استقلالية هذه المؤسسة، ويؤدي إلى إعاقة عملها، وإضعاف كفاءتها في خدمة الوطن وعمال الوطن والاقتصاد الوطني والتقليل من دورها في توفير الحماية الاجتماعية بشكل كبير جداً، وهو أمر قد يدفع ثمنه المجتمع بأسره مستقبلاً، ولا نريد أن يأتي ذلك الوقت الذي تندم فيه الحكومات على تدخلها في عمل هذه المؤسسة بالصورة التي تنتقص من دورها ومسؤولياتها وإدارتها لأموال العمال، ولن يفيد الندم حينذاك، خصوصاً وأن المؤسسة خسرت أكثر من (150) موظفاً من كفاءاتها البشرية، استقالوا بسبب الهيكلة، علماً بأن أية حقوق يحظى بها موظفو الضمان تم الحصول عليها بموجب أنظمة نافذة، وهي ضمن المعقول، والمعمول به لدى الكثير من المؤسسات الرسمية..!!
إن العدالة لا تتحقق إلا من خلال التشريعات، ولا يمكن بحال أن نحقق العدالة إذا كنا نخالف التشريعات، ومن ذلك أن نظام الخدمة المدنية الجديد يتعارض في بعض أحكامه مع نصوص قانونية لبعض المؤسسات، كما تتعارض بعض نصوصه مع نصوص دستورية، وهناك آراء قانونية لرجال قانون معتبرين تؤيد هذا الاتجاه، ومع ذلك أصرت الحكومة على المضي بمشروعها، ولم يصدر عنها أي ردّ يوضح وجهة النظر القانونية المفنّدة للآراء القانونية التي طُرحت حول عدم جواز سريان نظام الخدمة المدنية على بعض المؤسسات، ومنها مؤسسة الضمان الاجتماعي لأسباب دستورية وقانونية وموضوعية، فكيف يمكن أن تتحقق العدالة عبر مخالفة الدستور والقانون، وتغيير منحى مؤسسة عريقة مثل مؤسسة الضمان كانت ولا تزال تحقق نجاحات عبر أكثر من ثلاثة عقود، دون أن تحمّل الخزينة العامة للدولة أية كلف مالية، في الوقت الذي نرى فيه دولاً تتحمل موازناتها الكلف التشغيلية لمؤسسات الضمان الاجتماعي من رواتب موظفيها وغيرها، أو تقوم بدعم صناديق هذه المؤسسات بجزء من عوائد الضرائب لتمكينها من القيام بدورها في حماية المواطنين وتعزيز التأمينات والمزايا والرواتب التقاعدية لأبناء المجتمع وضمان مستقبلهم على أكمل وجه..!!؟
ولقد آلمنا ما صدر من تصريحات حول موظفي الضمان، تتهمهم بأن رواتبهم من أموال الشعب والعمال المشتركين في الضمان، وبأنهم يبذّرون هذه الأموال دون وجه حق، ويتناسى أصحاب هذه التصريحات أن رواتب موظفي الدولة من كبارهم حتى أدناهم هي من أموال المواطنين ودافعي الضرائب.. وما زال البعض يخرج علينا حتى هذه الأيام بتصريحات مسيئة للمؤسسة ولموظفيها، تؤلّب الناس علينا..!!
معالي رئيس مجلس النواب..
إن حالة من الغضب العارم والاحتقان تملأ نفوسنا كموظفين في هذه المؤسسة، بسبب طريقة التعامل معنا وحيث تم تصويرنا وكأننا نعمل في ظل حالة من الفوضى وغياب التشريعات، وقد تم الاعتداء على حقوقنا المكتسبة اعتداءً سافراً، على الرغم بأن أحداً منا لم يطالب بأي مكتسبات جديدة، لا بل كنا ولا نزال نسعى إلى ضبط النفقات وترشيدها، لكن الوضع لم يعد يُحتمل بعد أن تم إهانتنا والاعتداء على مكتسباتنا وحقوقنا..
إننا نلجأ إلى معاليكم قبل أن نعمد إلى أي أسلوب تصعيدي آخر، آملين إنصافنا والدفاع عنا كشريحة من أبناء الوطن، ونضع بين يديكم مطالبنا، على النحو الآتي:
أولا: استرداد استقلالية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وتحصينها وتعزيز دورها الاجتماعي والاقتصادي، من خلال أنظمة خاصة تصدر بموجب قانون الضمان، وفكّ ارتباطها بنظام الخدمة المدنية الذي بدأ يعيق عملها بصورة ملحوظة.
ثانياً: إعادة الحقوق المكتسبة لموظفي المؤسسة، وبخاصة الدرجات الوظيفية التي تم تخفيضها بعد ضم المؤسسة للخدمة المدنية، وهناك (700) موظف تراجعت درجاتهم مما أثّر على حقوقهم ومكتسباتهم، في حين أنهم حصلوا على الدرجات والمكتسبات في ظل تشريعات نافذة..!
ثالثاً: الاستمرار بالعمل بنظام التأمين الصحي لموظفي المؤسسة، كحق مكتسب معمول به منذ إنشائها قبل 33 عاماً.
أخيراً نعتقد بأن الهيكلة تحتاج إلى إعادة دراسة ومراجعة.. وليس عيباً أن تتراجع الحكومة عن مشروع قُدّم على عجل ولمّا ينضج بعد، أما إذا كانت حجتها ضبط النفقات فنحن أول منْ يدعو إلى ضبط نفقات العامة ومنها نفقات المؤسسة، على أن يكون ذلك ضمن إطار المؤسسة ذاتها، ومسؤوليات مجلس إدارتها الذي يشكّل ممثلو الحكومة أكثر من نصفه..!!
وتفضلوا معاليكم بقبول وافر الاحترام،،
موظفو المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي