فقه الاستحواذ !!

تم نشره الأربعاء 31st تمّوز / يوليو 2013 01:48 صباحاً
فقه الاستحواذ !!
خيري منصور

نحن جميعاً ندفع الآن ثمن هذا النمط من التفكير الأحادي، الذي يتلخّص في أمرين، أولهما تورّم الذات حيث لا حدود إلا ما تضعه القوة الرادعة، ثانيهما التعامل مع الآخر على أنه عدو بالقوة بحسب المصطلح الفيزيائي، لهذا يجب الاحتراز منه، وتأويل كل ما يصدر عنه كما لو أنه تكتيك وحيلة، وبالطبع لا ينجو من ثقافة الاستحواذ تلك حتى من توهموا أنهم ظفروا بحصة الأسد من الغابة لأن الغابة على وشك الاحتراق بكل ما فيها، لأن القوي ليس لديه ضمانة أو بوليصة تأمين دائمة ضد الضعف حتى لو كان الضعف هو الشيخوخة.

وحين يستخدم بعض الناشطين العرب مصطلح تداول السلطة لا يبدأون من أول السطر، لأن ما يجب تحليله أولاً هو مفهوم التداول ذاته، بدءاً من أدق التفاصيل في الحياة اليومية، فالاستحواذ مضاد لأي تداول، ولا يمكن تدجينه كغريزة بدائية إلا بالتثقيف والإعداد التربوي المبكر، والمجتمعات التي لا تعيش ثقافة التداول والشراكة في أي شيء لن تفلح بإنجاز تداول سلمي للسلطة، وهذا ما يفسّر ظاهرة مسلسل الانقلابات والثورات التصحيحية التي عصفت بالعالم العربي وعسكرته خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، فالانشقاق بهدف التصحيح هو مجرد قناع لإخفاء نرجسية سياسية تحرض على الاستحواذ، وبالتالي احتكار السلطة واقصاء الآخر المنافس بالقوة.

وقد عرفت السجون والمقابر العربية العديد من هؤلاء الذين دفعوا حريتهم وأحياناً حياتهم ثمناً لثقافة ووعي مضاد ومفارق للسائد، لأن العقل السياسي الحبيس في ثنائيات جامدة وغير متجادلة لا يعرف أي بعد ثالث.

وهذا ايضاً ما يفسر السرعة في تبادل الاتهامات سواء أكانت بالتخوين أو التفكير أو الشيطنة، ويتم ذلك كامتداد لقاموس الهجاء الموروث والذي تغذيه ثقافة شفوية مناقضة لكل المواعظ والمقولات المأثورة التي تحض على السّلم الأهلي والتعايش تحت سقف الوطن الواحد.

ولو شئنا الصراحة أو قدراً منها على الأقل واستدعينا طفولاتنا وما كنا نسمعه من البالغين لتبدد العجب وعرفنا السبب الذي أدى الى هذا السّعار في الاستحواذ والمثل الشعبي القائل عن فلان إن بطنه أجرب لأنه لا يشبع لم يأت من فراغ، وهو من الناحية السيكيولوجية يصلح مدخلاً لاستقراء حقبة سياسية واجتماعية امتدت لقرون وليس لعقود فقط، فالجرب ليس حكراً على البطون انه يتسلل ايضاً الى العقول والوعي والحراكات السياسية، وما يبدو أحياناً كما لو أنه مواقف راديكالية ليس في حقيقته غير تعبير بدائي عن نزعة الاستحواذ.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات