في العيد: الفرح «عبادة»!

تم نشره الخميس 08 آب / أغسطس 2013 01:22 صباحاً
في العيد: الفرح «عبادة»!
حسين الرواشدة

في العيد أرجوك تذكّر بأنك في هذه الايام التي خصك الله بها بعد رحلة الصيام “تتعبد” بالفرح، وبمقدار فرحك يكون شكرك لله، فلا تحزن ولا تدع الكآبة تستحوذ على مشاعرك.

لا معنى للعيد اذا لم تطرد اليأس من قلبك، وتترك لروحك ان تطير في فضاء “البهجة” بجناحي الحمد والشكر، اذا لم تغادر الضيق والحسرة الى حيث الفرح والابتسامة اذا لم تكسر حدة “الرتابة” وتنفتح على من حولك بدفق المشاعر، ودفء المودة.

معنى العيد ليس في ساعات اليوم المحددة بمواقيت العطلة الرسمية وانما في المعنى الذي تختار انت لهذا اليوم، فليكن معنى العبادة حاضرا امامك، وليكن فرح “العبادة” باعثا لحركتك، ولتكن فكرة “السعادة” هي دافعك نحو نفسك والآخرين.

ربما تشعر “بالظلم” ولا يجد الفرح طريقا الى قلبك، لا بأس، تذكر بان آخرين وقع عليهم ظلم اكثر منك، تذكر بان الله قريب منك ويجيب دعوتك، تذكر بان “فرحك” سيغيض من ظلمك، وان تكون مظلوما خير لك من ان تكون ظالما.

ربما تشعر بالحزن على فقد “حبيب” او عزيز، تذكر بأننا –كلنا- ضيوف على هذه الدنيا، وبأن من اعطى اخذ وهو وحده من يعوضك، تذكر بان الموت هو الوجه الآخر للحياة، وبأن اتصالك مع من رحل اسهل مما تتصور، فالخط مفتوح لكي تطمئن عليه، ربما اكثر من اي وقت مضى.

ربما تشعر “بكآبة” الفقر والعوز، كلنا فقراء الى الله، ومحتاجون له، وليس بالمال فقط تتحقق السعادة، كثيرون غيرك ممن اعطاهم الله المال يتمنون لحظة “سعادة” وبعضهم محروم من التمتع بالنوم او بالطعام، انت بصحة جيدة، اذن انت غني، انت لديك اولاد وبنات، وغيرك محروم منهما، انت اذن غني، لا تطرد “الفرح” من بابك هو يحتاج اليك في هذا اكثر مما تحتاج انت اليه.

ربما تشعر ان “دماء” الامة تسيل من اكثر من مكان، ومقدساتها تدنس، واحوالها تبعث على الحزن، هل يستطيع حزنك ان يعيد الى الامة “عافيتها”؟ اذن جرّب “الفرح” فلربما تساهم في اعادة البسمة لمكلوم، او في تضميد جراح مظلوم او في منح جزء من السعادة لجيران هربوا من جحيم الحروب.

معنى العيد ان تبدو الامة في اجمل صورها، كتلتها الاجتماعية متكافلة ومتماسكة، نداؤها في صباح العيد واحد، الله اكبر من الفقر ومن الظلم ومن الحروب ومن “الجبارين” ... الله اكبر من الاستبداد والفساد ومن المتربصين بنا الدوائر، أليست هذه –وحدها- كافية لتبرز جمال “المسلم” وهو يشهر للعالم صورة “البهجة” رغم ما يشعر به من محن ومصائب.

ايهما فضل: ان تتقرب الى الله والى عباده بالحزن ام بالفرح، شتان بين الهديتين، هدية تعمق الجراح وتثبط الهمم وتقتل الروح، ووصفة اخرى تبعث الامل، وتعيد الهمّة وتروّح على النفس وتدفع للصمود في مواجهة الكروب.

العيد هدية الله اليك، فاستقبلها كما يجب، مبتهجا بتمام عبادتك، ومبتسما بما تحقق من رضى الله عليك، وبما يستحقه من حولك من “الفرح” يحتاجونه، ومودّة ينتظرونها واحساس بالحب والقرب والطمأنينة قد تبدد عنهم وحشة الطريق.

يمنحك العيد فرصة لكي تعود الى فطرتك الاولى، والى طفولتك التي تراها في عيون الصغار وهم يفرحون “بلباس” العيد، حاول ان تفرح مثلهم، لا بتغيير اللباس وانما بتغيير “الافكار” والمشاعر فالفكرة “العابرة” هي التي توقظ فيك فطرتك وطفولتك وانسانيتك وهي التي تفتح عينيك على “جمال” الكون الذي غاب عن ناظريك ايام السنة الطويلة.

انت اقرب ما تكون الى دينك وانسانيتك وعالمك الصغير حين تكون “فرحا” سعيدا، من قال ان المسلم يجب ان يكون “عبّاسا” حزينا، او بائسا منعزلا، هذه اسوأ وصفك أُلْصِقَتْ بالدين وهو منها بريء.

انت في العيد تعلن للعالم “استقلالك” وتميزك، وتشهر قوتك ووحدة المجتمع الذي تنتمي اليه، وتبرز صورتك التي “جمّلها” الصيام كما يليق بها، انت تكشف امام الملأ قدرتك كإنسان على الخروج من ايام الصبر الى ايام الشكر، ومن الانضباط الى الانفتاح، ومن التقيد بأوامر الفريضة الى الانعتاق بأوامر الواجب ايضا، وكانك ايها المسلم –عالم- يجمع كل شيء ويزاوج بين الابعاد المختلفة، ويشتمل كل ما يبهج العالم من صفات.

العيد موسم “للفرح الحلال” والنشوة بالانتصار على النفس الثقيلة، والاحتفاء بما يحمله اليوم التالي من فرح، والاصرار على التغيير والانتقال من مرحلة الى اخرى والثقة بان بعد العسر يسرا، وبان اليأس اقصر طريق الى الكفر.

كل عام وانتم بألف خير......

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات