حول تطورات المعركة في سوريا

تم نشره الإثنين 12 آب / أغسطس 2013 01:07 صباحاً
حول تطورات المعركة في سوريا
ياسر الزعاترة

خلال الأسابيع الأخيرة تواترت الأنباء والتحليلات المتشائمة من الدوائر الغربية بشأن الوضع في سوريا؛ بين قائل ببقاء بشار في الحكم لسنوات (دوائر الحكومة البريطانية)، وبين قائل ببقائه لمدة أقل أو أكبر، مع توقعات متشائمة من لون آخر.

يأتي ذلك بعد شهور من اختلال ميزان القوى في المعركة لصالح النظام، الأمر الذي نتج في شق منه عن دخول حزب الله المباشر في المعركة، فضلا عن متطوعين شيعة من دول شتى، وبالطبع بدعم واضح من إيران التي درَّبت أيضا قوات شعبية (علوية) وأدخلتها المعركة، فضلا عن مشكلة التسليح بالنسبة للثوار، إلى جانب البعد الأهم ممثلا في التشتت الذي يطبع أوضاعهم، وتسهم فيه تناقضات الداعمين.

للتذكير، فالتقدم الذي يحرزه النظام هو في المناطق التي يلقي بثقله فيها، وهي التي تنتمي إلى مناطق العلويين ودويلتهم المتوقعة، والمناطق التي تمثل شريانا بالنسبة إليها، فيما يتوفر تقدم للثوار بدا أكثر وضوحا خلال الأسبوع الماضي في مناطق أخرى مثل حلب ودرعا، وحتى اللاذقية التي تعد من معاقل طائفة النظام.

بعد أسابيع من الحديث الغربي عن ضرورة تعديل ميزان القوى على الأرض من جديد كي تغدو الأجواء أفضل لعقد مؤتمر جنيف 2، خرجت علينا الدوائر الأمريكية ومن ورائها البريطانية بإعلان رفض التسليح، مع تحفظ فرنسي مشابه، فيما ذهبت دوائر بريطانية حد القول إن المؤتمر لن يعقد هذا العام، هذا إذا عقد أصلا كما قالت.

والسؤال الذي يطرح نفسه بكل قوة هنا هو: هل هناك جدية غربية بالفعل لوقف نزيف الدم السوري؟ أم أن إطالة المعركة هي المسار المفضل، والجواب الذي نعتقده دون كثير تردد هو أن واشنطن التي لا تتحرك شرق أوسطيا إلا بإذن من تل أبيب لا تريد للمعركة أن تنتهي، وهي تراها تصب في مصلحة الكيان الصهيوني بشكل مميز، إذ تستنزف جميع خصومها (إيران، حزب الله، تركيا، ربيع العرب وخلق فتنة سنية شيعية)، وفوق ذلك تدمير سوريا وإخراجها من معادلة الصراع.

ماذا تريد تل أبيب أفضل من ذلك، ولماذا سيكون عليها أن تحرص على وقف هذا النزيف؟! ربما قال البعض إنها تخشى من وقوع البلد بيد من يسمونهم المتطرفين، وهي القصة التي يستخدمها الغرب ذريعة لرفض تسليح الثوار، فيما يعلم الجميع أن أحدا لن يفرض على السوريين ما لا يريدون إذا سقط النظام، حتى لو مرت البلاد بمرحلة من الفوضى بعد ذلك، الأمر الذي يبدو طبيعيا إلى حد كبير، سواء كان هناك جهاديون أم لا، وما يجري في ليبيا منذ انتصار الثورة دليل على ذلك.

ولعل الجانب الذي لا يقل أهمية من الأزمة التي تعيشها سوريا هو أن بعض المحسوبين على القوى الداعمة للثورة لا يمانعون أيضا في طول المعركة، والسبب هو أنهم ضد الربيع العربي والثورات، أما موقفهم من إيران الذي ساهم في دعمهم للثورة فلا يغير الأمر، إذا أن بقاء الاستنزاف يعني استنزاف إيران أيضا، والخلاصة أنهم لا يميلون إلى انتصار الثورة سريعا تبعا لحسابات الداخل، فيما يرفضون انتصار النظام الذي يعني انتصار إيران أيضا تبعا لحسابات الخارج.

الآن يمكن القول إن ملامح المعركة قد باتت تشير بالفعل إلى نزيف قد يطول إذا لم تحدث مفاجأة من داخل النظام، أو خطوة أكبر وأكثر تأثيرا من قبل داعمي الثورة. والنتيجة أنه من دون توافق بين تركيا وقطر والسعودية على أن ما جرى يبدو كافيا ولا بد من موقف أقوى لحسم الصراع (تسليحا وتدخلا في التنسيق بين الثوار)، فإن الاستنزاف سيطول إلى أمد لا يعلم إلا الله مداه، وحيث سيواصل النظام سيطرته على المدن، بينما يسيطر الثوار على الأرياف، فيما قد يأخذ الأكراد حصة ويستقلون بها (النظام لا يمانع بل يشجع ذلك)، وهو “خيار البلقنة” كما سمتّه صحيفة نيويورك تايمز.

هو استنزاف قد يطول بالفعل، لكن ذلك لا يعني أن بشار الأسد سيبقى، فما جرى، ومعه البعد الطائفي للنزاع لن يسمح له بأكثر من الفرار إلى دويلة علوية سيلاحقها الثوار على الأرجح، بصرف النظر عن قدرتها على الصمود بعد ذلك. وهنا يمكن القول إن نوايا إنشاء تلك الدويلة باتت واضحة في ظل تركيز النظام على مناطقها في حربه مع الثوار، وبالطبع بمساعدة حزب الله.

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات