العربي القادم!!

تم نشره الثلاثاء 01st تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 12:41 صباحاً
العربي القادم!!
خيري منصور

الاقتصار على حشد القرائن الطافية على سطح المشهد العربي الآن من شأنه ان يدفع التشاؤم الى اقصاه، سواء من حيث التشظي الطائفي، أو من حيث ارتفاع نسب البطالة والأميّة والموت المجاني، لكن الغاطس من هذا المشهد ليس كذلك، ما دامت الاسئلة المحرمة قد اصبحت متاحة، كما ان المساءلة على مختلف المستويات بدأت تتخطى ما كان محظوراً، لكن هذا التصور ليس وليد مقولة ساذجة عن اشتداد الأزمات كي تنفرج، فاشتدادها يفجرها ايضاً، وباختصار فان الوطن العربي الآن يسدد عدة مديونيات منها السياسي والثقافي وحتى الدستوري، فقد مرّ بأزمنة كان الأعمى فيها يقود المقعد، والمريض يأكل الميت، وما هو مكتوب على الورق مجرد أسراب نمل لا معنى لها، ما دامت الممارسات كلها تحتكم الى أعراف وتقاليد طالما حلت مكان القانون، واعلنت الطلاق البائن بين ما يسمى كلام القرايا وكلام السرايا، فالاستبداد كما عرّفه الكواكبي قبل قرن سلالة فيها الجد والابن والحفيد وحفيد الحفيد ايضاً، لانه ليس مجرد جملة معترضة في التاريخ تماما كالفساد الذي تقدم له اليوم تعريفات مثيرة للسخرية وكأنه نبت شيطاني بلا جذور، انه ثقافة ما ان تتفشى حتى تصبح بديلة للثقافات كلها، ولهذا له فقهاء متخصصون في تسويغه، او اطلاق اسماء مستعارة عليه.

وحين ظهرت نظرية خرقاء في بواكير القرن الماضي تقول ان قليلا من الفساد من شأنه ان يجعل البيروقراطية اكثر مرونة، كان هذا الفهم أقرب الى ما يسمى التزييت أو التشحيم للآلات ذات المفاصل الصدئة، ونسي هؤلاء ان القليل جداً من الفساد أو الاستبداد يتكاثر بالانشطار كالأميبا ولا سبيل لوضع حد لهما بعد ان يتحولا الى وباء.

العربي الآن في حالة مواجهة وربما لأول مرة مع كل ما كان مؤجلاً ومسكوتاً عنه في حياته السياسية والاجتماعية، فقد انتهى عصر المعصوميات التي تحظر النقد وانتهى زمن العدالة التي توزع من خلاله الغنائم بالتساوي بين المستبد ونفسه على طريقة ما يدفعه باليمين يسترجعه بالشمال.

لكن هذا كله ليس مرئياً الآن بالعين المجردة وعلينا ان ننتظر قليلاً كي يكتشف العربي المريض ان اطباءه خدعوه كي يبتزوا أمواله ويبددوا وقته بحيث يعالج الداء المزمن بالاسبرين أو الكمادات.

ان وطناً بكل تضاريسه يدخل الى غرفة العمليات الآن، وما من تخدير يعينه على احتمال الألم، لكن اللحظة الفارقة هي أمانة النخب السياسية والثقافية في اجراء هذه الجراحة القاسية، لأن اية خيانة قد تدفع هؤلاء لاستئصال الكبد أو الرئة بدلاً من الزائدة الدودية..

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات