استنكارٌ واستغراب
استغرب بعض القراء من مقالي "صديق اسمه عماد خميس أبو دية"، كيف أخصه بهذه الكلمات، ولماذا اعترف بقيمه وأخلاقه، ولماذا أشيد بمعاملته وعلاقاته، ورأوا أني وصفته بالمعالي، ومدحته بأكثر مما ينبغي، وهو ابن اليسار، ومن أتباع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو الموالين لها، وقد كان يكفيني أن أشكره بصمت، وأن أكافئه في الخفاء، فلا أكتب ولا أنشر، ولا أشارك العامة والخاصة، وكأني بما كتبته عنه قد جافيت الحقيقة، وخالفت الواقع، وتجنيت على القيم.
أرسل لي أحدهم، أليس من إخوانك من هو أحق المدح منه، وأولى بالكتابة عنه، ممن تتفق معهم في الفكر والعقيدة، وتلتقي معهم في الهدف والغاية، وهم إليك أقرب، ومعك أفضل، وربما وقفوا إلى جانبك أكثر منه، وصدقوك ونفعوك، وأكرموك ومنعوك، وساندوك وأيدوك، وكانوا معك في المحن والملمات، وفي المصائب والأحزان.
أستغرب ما وردني، وأستنكر الكثير مما وصلني، فليس فيما كتبتُ عن صديقي إلا اعترافٌ بفضله، وإقرارٌ بقيمه، وإشادة بفضائله وصفاته، بغض النظر عن انتماءاته وولاءاته، وتوجهاته وأفكاره، فهو ابن سلوكه، وتبع تصرفاته، ونتاج ماضيه وموروثاته، أحكمُ عليه من خلالها، وأتعامل معه على أساسها، فلا أظلمه ولا أسلمه، ولا أغمطه حقه، ولا أمنعه فضله.
قد أوفيتُ له، وما قصدتُ أن أقصر الخير عليه، والفضل له، والصدق معه، والولاء إليه، فغيره بالتأكيد يستحق، ممن هم أهلٌ للثناء والحمد، والشكر والتقدير، ولا أنكر أني لم أجد من غيره ما وجدتُ منه، ولكنني رأيتُ أن أخصه دون غيره، وأن أذكره أكثر من سواه، فقد استحق مني الشكر والتقدير.
ولغيره ممن يظنون بأنفسهم خيراً، وأنهم يستحقون الحمد والثناء، والشكر والتقدير، أو غيرهم من الغاضبين المستنكرين، المستغربين المعترضين، أقول لهم ... شكراً لكم ... لا أنسى من أحسن، ولا من سبق بالخيرات منكم ....