المسيحيون والمواطنة

تم نشره الإثنين 21st تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 01:52 صباحاً
المسيحيون والمواطنة
د.رحيل محمد غرايبة

لقد كانت ندوة غنية وثرية وذات مضمون متميز من حيث المداخلات والأسئلة والإضافات التي تمت في منتدى الفحيص الثقافي، في أمسية جميلة يوم السبت الماضي تم تخصيصها للحديث حول المبادرة الأردنية للبناء (زمزم)، وما تضمنته من أفكار وطروحات، وما أثير حولها من حوارات وتساؤلات.

من أهم النقاط التي تم التركيز عليها تلك المتعلقة بموضوع الطرح الذي يركز على صبغة التعاون والمشاركة بين جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في تحمل مسؤولية إدارة المرحلة، ودون استثناء أي فئة ودون إقصاء أي طرف مهما كانت درجة الاختلاف والتباين في الفكر أو المعتقد أو المذهب أو الاتجاه السياسي، وكان السؤال الواضح ينصب حول دور المسيحيين على وجه التحديد في هذه الطروحات، وهل المسيحيون بنظر الإسلام هم مواطنون أم تابعون ذميون يدفعون الجزية ؟!

وهنا أود توضيح مسألة فقهية وسياسية، لكل باحث عن الحقيقة المدعومة بالدليل الصحيح، والتأصيل الشرعي السليم، الذي تم تجليته بوضوح منذ مجيء الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أنه جاء بمنتهى الوضوح لتحقيق هدف كبير لا جدال فيه ولا مراء، يتمحور حول (تحرير الانسان) عقلاً ونفساً وإرادةً ووجداناً، ورفع القهر والعبودية والتسلط بكل أشكاله وألوانه ومضامينه، ولم يقصد التسلط على عقول الناس وأبشارهم، ولذلك استقبل وفد نصارى نجران واستضافهم في المسجد وهم بلباسهم وصلبانهم وعمائمهم، وأدوا صلاتهم في المسجد، واستقبلهم بحفاوة وتكريم، واحترام وتقدير، وكتب لهم كتاباً، ما زال محفوظاً بكتب التاريخ والوثائق، حيث جعلهم مواطنين كاملي المواطنة، وجزءاً من شعب الدولة، لهم حقوق المواطنة، وعليهم واجباتها، لا فرق بينهم وبين المسلمين، وهذا ما جعله الفقهاء قاعدة متفق عليها، بحسب القول المأثور عن سيدنا علي كرّم الله وجهه عندما قال: «لهم ما لنا، وعليهم ما علينا»، أي لهم ما لنا من الحقوق، وعليهم ما علينا من الواجبات، فهم شركاء في الأرض والوطن، وشركاء في السلطة والمسؤولية وشركاء في المال والثروة، وشركاء في الغرم والغنم.

ومن حيث المسؤولية والحق في استلام المنصب واشغال وظائف الدولة العليا، فقد ارسى القرآن معياراً محدداً وواضحاً، لا يناقض العقل ولا يخالف المنطق، ويؤيده العلم ومحل إجماع البشرية، وهو ما جاء على لسان ابنة الرجل الصالح على ماء مدين، بخصوص (موسى) عليه السلام قبل النبوة، عندما قالت لأبيها (يا أبت استأجره، ان خير من استأجرت القوي الأمين)، ولذلك فإن المعيار الصحيح في التوظيف والتوزير وتحمل المسؤولية يتلخص بأمرين؛ الأمر الأول: القوة، التي تعني القوة في العلم والتخصص والخبرة والتجربة، والقوة في الإرادة وفن التعامل، والقوة في النفس والبدن، والأمر الثاني : الأمانة، ويقصد بها هو ذلك الوازع الداخلي الذي يجعله مستأمناً على أموال الناس، وأعراضهم وممتلكاتهم وأبنائهم وأرضهم ومستقبلهم، وهذا ما تحتاجه إدارة الدولة بغض النظر عن المعتقد أو المذهب أو الأصل أو الفصل.

وبناءً على ما سبق فان المسيحيين جزء أصيل من النسيج الوطني، وعرب أصلاء، قد أسهموا في الإنجاز الحضاري العربي الإسلامي مع اخوانهم المسلمين، وكان لهم دور مقدر محفوظ لا يمكن تجاهله أو الانتقاص منه، وهذا ما يثبته التاريخ الموثق الصحيح.

( الدستور 2013-10-21 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات