حاسوب أعور!!

تم نشره الإثنين 21st تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 01:53 صباحاً
حاسوب أعور!!
خيري منصور

إذا صح الرقم المعلن عن تكاليف الحراك العربي منذ أقل من ثلاث سنوات وهو ما يقارب الثمانمئة مليار دولار، فان الحاسوب الذي أوكلت اليه مهمة هذا الاحصاء أعور، لا يرى غير جهة واحدة من المشهد، ونحن بانتظار إحصاءات أخرى عن عدد القتلى والمعاقين والمشردين خلال هذه السنوات، وعندئذ نختار اسماً مناسباً لهذا الفصل الدامي، فقد يكون خريفاً أو حتى فصلاً خامساً غير مذكور في التقاويم.

ولكي لا نتعرض لأية مزايدات مجانية كالعادة، علينا ان نقول بأن هناك بعداً ثالثاً للمشهد غير ثنائية المديح والهجاء والثورة والفوضى والقبول والرفض، فالنوايا والمحركات لأي فعل بشري ليست المعيار الوحيد الذي نحتكم اليه لاستقراء ما يجري، ما دامت مفردات من طراز الاختطاف والسطو قد بدأت تستخدم على نطاق واسع للتعبير عن الفارق الكارثي بين النوايا والنتائج.

الحاسوب الأعور بل الأخرق ذاته هو ما قدم لنا خسائر العراق في الحروب الثلاث التي انتهت باحتلاله، بينما يصل حجم الخسائر غير المنطورة الى أرقام فلكية قدر تعلق المسألة بنتائج الحصار الطويل واعاقة التنمية خصوصاً التعليم.

لو كانت الخسائر في كل هذه المحن والزلازل التاريخية ذات الترددات التي لا نهاية لها مادية فقط لهان الامر وتحملت الاجيال القادمة كل هذه المديونيات، لكن الخسائر بشرية وحضارية وتربوية وتشمل كل الانشطة الانسانية في عصر ايقاعه متسارع ان لم يكن مسعوراً بحيث يصبح من يغمض عينيه دقيقة واحدة كمن خسر عشرة اعوام.

ما نخشاه هو ان ما خسره العرب من المال والدم وسائر المنجزات لم يكن مهراً لعذراء جميلة، ولا حتى لمطلقة عجوز او أرملة، فما يلوح في الآفاق لا ينبىء عن أعراس قادمة لان ما انفجر هو سلاسل جبال من المكبوتات بكل فصائلها وسلالاتها طائفياً وجنسياً وطبقياً ونفسياً.

لهذا ما من يد تأمن الآن توأمها وما من بوصلة تؤشر جهة تجتذب التائهين اللهم الا تلك الجهة الخامسة التي لا نعرفها وهي باختصار المستقبل المجهول الذي تحول الى كمين تاريخي لأحفادنا!.

وهناك خسارة فادحة يتم التواطؤ عليها مع سبق الاصرار، هي دور النخب التي افتضحت الاحداث هشاشتها وطفيليتها وامتطاءها للموجات، فالشعوب التي تنظر الى الثقافة كواجهات سياحية، وبغال كجر عربات الاعلام عليها ان لا تنتظر من الغزالة ان تلد شبلاً، فالأقرب هو ان تلد اللبؤة الكاذبة في الحفلة التنكرية صرصاراً!.

وبانتظار حاسوب آخر غير هذا الاعور لمعرفة كم خسرنا من الذات والدولة والارض قبل الدولارات!!.

( الدستور 2013-10-21 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات