الإيمان عماد الحق
القوة وحدها مهما بلغت، لا تكفي لاستعادة الحق، وتحقيق الأمل، بل يلزمها الإيمان بالحق، والإصرار عليه، والتمسك به، وعدم التخلي عنه، مهما بلغت قوة العدو، وعلا جبروته في الأرض، وتمادى في طغيانه بين الخلق،
فلا تثني صاحب الحق الصعاب، ولا تضعف من عزيمته التحديات، ولا تقتل اليقين في نفسه التضحيات، ولا تفكك إرادته المغريات والعطاءات،
فصاحب الحق يموت دونه، ويضحي بأعز ما يملك ليبقى، ولا يفرط به ولو حزت السكين رقبته، أو نشرت المناشير عظامه، أو ألقى به خصومه والأعداء في أخدودٍ من النار، أو ألقوا به من شاهقٍ في السماء.
هذا الصنف من أصحاب الحق من الخلق يصلون إلى غاياتهم، ويحققون أهدافهم، ويتمكنون في نهاية المطاف من هزيمة عدوهم وقهره، ويستطيعون استعادة حقوقهم منه، ويكونون من بعدها أقدر على الدفاع عنها والاحتفاظ بها.
هؤلاء الثابتون على الحق، والقابضون به على الجمر، وإن كانوا في زماننا قلة، وعلى أرضنا ثلة، وفي عالمنا غرباء، إلا أن الله يؤيدهم، ويبارك فيهم، ويكلأوهم برعايته، ويتعهدهم بحفظه وتأييده، ويحقق لهم وعده، ويمن عليهم بنصره، ويجمع حولهم خلقه، ويحبب فيهم عباده، ويقويه بأوليائه،
ولكن ما أجمل الحق إن لازمته القوة، وصانته المنعة، وحفظته الشدة، وأرعبت به عدوها الرهبةُ، فالقوة إلى جانب الحق سوارٌ وحصن، وقلعةٌ حصينةٌ وتلٌ مرتفع، تحمي وتقي وتمنع.