حين أطاحت ملفات الفساد بالثقة!

تم نشره الأربعاء 04 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 03:42 صباحاً
حين أطاحت ملفات الفساد بالثقة!
حسين الرواشدة

ما الذي يدفع الناس الى التشكيك بكل ما يصدر عن المسؤولين من مقررات واجراءات حتى لو كانت في ظاهرها تشكل حلولا منطقية لمشكلات مزمنة؟ خذ –مثلا- المشروع النووي الذي يجري الآن النقاش حوله ومحاولة اقناع الرأي العام به؟ هذا المشروع – في الاصل- كان يمكن ان يحظى باجماع وطني؛ لانه يطرح حلولا مثالية لمشكلة “الطاقة” التي تكلف الخزينة مليارات الدولارات سنويا لكن اصرار البعض على رفضه يعكس مسألتين: احداهما تتعلق “بجدوى” المشروع من جهة التكاليف والامكانيات والامان ومع وجود “بدائل” اخرى اقل كلفة واكثر امنا، وهذه المسألة هي خلاصة رأي “الخبراء” المعارضين، اما الأخرى فتتعلق بافتقاد المواطن ثقته بما يصدر عن المسؤول أيا كان من تصريحات او تأكيدات، وفي ذاكرة الناس –بالطبع- عشرات المشاريع والمبادرات التي انطلقت واستبشروا بها كحلول لمشكلاتهم ثم صدموا بعد ذلك حين اكتشفوا انها “افشلت” او ان الفساد تسرب اليها كما حدث مع سكن كريم وموارد وغيرها.

في دائرة “افتقاد” الثقة او نقصها على الأقل يمكن أنْ نضع “السرّ” الذي يدفع المواطن الى التشكيك بكل ما يستقبله من المسؤولين، سواء حين يتحدثون عن الانجازات أو حين يدحضون ما يتردد من شائعات.

وربما تفتح قضية “اسهم الضمان” ذاكرة الناس مجددا على “هوّة” الثقة هذه والمشكلة هنا ليست في التفاصيل ولا في السجالات التي تدور حولها وانما في “قابلية” الناس على تصديق كل ما يتعلق بالفساد سواء أكان صحيحا أم لا، وسواء أكان المسؤول متورطا أم بريئا.

المسألة –بالطبع- لم تأت من فراغ، ففي غياب الشفافية والمصارحة والمساءلة ينتصر لدى المواطن منطق “تصديق” الاخبار التي تتعلق بالفساد على منطق “الشك” فيها او طلب الدليل على صحتها، ويصبح من الصعب –ان لم يكن محالا- على المسؤول ان يتحدث عن فساد “انطباعي” لان الانطباعات في غياب ادلة النفي الصحيحة ومع وجود “التجارب” الدالّة على مرور “الفساد” مرور الكرام تتحول الى حقائق، ثم تعمل عملها في “ذهنية” الناس حتى تصبح “قناعات” واخطر ما تفعله هذه القناعات هو انها “تسلب” ثقة الجمهور بالمسؤول... وبالبلد ايضا.

على مدى الاعوام الماضية دفع مجتمعنا ثمنا باهظا لطي صفحة “الفساد” وطمر ملفاته وتجاوزها، لكن النتيجة للاسف لم تكن كما توقع البعض حين راهنوا على “امكانية” تسديد الاموال او تعويضعها بطريقة او بأخرى او على “ضعف” ذاكرة الناس او على غيرها من اعتبارات؛ لأن الخسارة كانت “ثقة” الناس، وهذه لا تقدر بثمن، ولا يمكن تعويضها.

اذا سألت اليوم عن “سر” تراجع هيبة الدولة وهيبة المجتمع وهيبة القانون وغيرها، ستكتشف بان الاجابة الصحيحة عن هذا “اللغز” هي: انحدار “الثقة” بين الناس والمسؤولين عن ادارة شؤونهم العامة، ولعل الامتحان الذي افرز هذه الاجابة هو امتحان مكافة الفساد، لا يتم هنا الحديث عن عدد القضايا وغياب الادلة عن بعضها ودور مجلس النواب الماضي في طي هذه “الملفات”... ولا عن الادوار التي تنهض بها مؤسسات المحاسبة ومكافحة الفساد، ولا عن “التشريعات” التي تتعلق بالذمة المالية “ومن اين لك هذا”.. المهم هو اقناع المواطن العادي وغير السياسي بأن ثمة ارادة لمواجهة هذا “الغول” والاطاحة به علنا وبلا اي “اعتذارات” لأن عين المواطن –بعد ذلك- هي التي ستقرر “تسليف” الثقة للمسؤول، واستقبال مقرراته وتصريحاته ومشروعاته على لواقط “الفهم” وربما التصديق لا على لواقط الشك والتشكيك وعدم الثقة.

( الدستور الأردنية 2013-12-04 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات